وصفقوا له أيضا ....
في عقد التسعينات كان أستاذ القانون المدني الدكتور الأخضر بن عزّي يقدم حصة في مدرج بكلية العلوم القانونية والاقتصادية، وفجأة انقطعت الكهرباء، فصفق الطلاب بشكل هستيري، فصمت الرجل برهة حتى هدأت القاعة، وخاطب طلابه قائلا: لقد درَّستُ في مناطق مختلفة من العالم، وفي شعوب مختلفة طيلة سنوات عديدة ولم أر أو أسمع قوما يصفقون للظلام قبلكم!
قبل حوالي ثمان سنوات وقف الرئيس السابق محمد ولد العزيز في قصر المؤتمرات أمام جمع غفير ممن كانوا يطالبونه بالمأمورية الثانية ومخالفة الدستور وقال لهم إنه لا يرغب في البقاء في السلطة رغم قدرته على ذلك إن شاء، فصفقوا له، صفقوا لمغادرة من كانوا يريدون بقاءه رغم أنف الدستور، ولو صرح برغبته البقاء لصفقوا له أيضا.
رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني جلس البارحة في أهم مدينة بعد العاصمة معربا عن أسفه لعجز نظامه عن توفير الماء والكهرباء لعاصمته الاقتصادية بعد مأمورية كاملة، فصفقوا له، صفق له رموز الفساد الذين جاءوا معه من نواكشوط والذين أكلوا بعزيز ثم أكلوه، ويأكلون اليوم بغزواني وسيأكلونه قريبا، لكن الغريب في كل خطأ قدرة هؤلاء على تحويل الاخفاقات نجاحات يصفق لها، فلو كان الكلام يوم استلام الرجل للسلطة لكان منطقيا رغم شراكته في النظام السابق كحام على الأقل، ولو كان الكلام من معارض دوره التشخيص والنقد أو مستقل يقترح لكان معقولا، أما رئيس في نهاية ماموريته فقد حكم على نفسه وعلى نظامه بالفشل في تنمية البلد وتغييره.
مأمورية كاملة، ويأتي الرئيس ليقول للشعب أنا اسف لم استطع توفيق الماء والكهرباء ولو بسط لقال ولا الاكتفاء الذاتي غذائيا ولم أحل مشكل العقار ولا العدالة ولا التعليم ولا الصحة ولا البنية التحتية ولا الثروة الحيوانيه ولا البطالة ولا الهجرة ولا التنقيب ولا الصيد البحري، لو بسط لقال أنا لم أحل مشكل رواتب المدرسين والجنود والممرضين وموظفي الادارة والشرطة والحرس الخ ولم أحسن وضعية المتقاعدين ولم أحل مشاكل الشباب والمخدرات والطلاب ولم أحل مشاكل التأمين والطرق والحوادث الخ
لو بسط الرئيس لقال أنا لم أقم بما توقعتم مني ولا بما تعهدت به رغم ما أتيح لي من فرص وإمكانات، ولكن كان أفضل من كل ذلك أن يعتذر عن الترشح مع أسفه هذا لفشل نظامه في أبسط حقوق مواطنيه.
سيقول مصفقته ومصفقة من سبقوه أنه حديث صادق، نعم هذا صحيح وهو أهم ما فيه، لكن حين يعترف القائد بالفشل يتنحى أو ينحى، ذلك هو العلاج الوحيد حتى لا ينهار البلد.
النائب محمد الامين سيدي مولود