قصة نهر اغتسل منه عبيد إفريقيا قبل نقلهم لأميركا
يزور سكان ساحل العاج وغرب إفريقيا عامة نهرا يحمل رمزية تاريخية يستحمون به من أجل التخلص من المعاناة وسوء الحظ والأرواح الشريرة، وينقلون قارورات مياه منه ليستحم بها باقي أفراد العائلة والأصدقاء.
ويقع نهر بودو في كانغا نيانزي شمال ساحل العاج، وطريق الوصول إليه صعب ووعر ويستلزم السير على الأقدام لمسافة طويلة، لكن المؤمنين بأسطورة هذا النهر لا يجدون صعوبة في الأمر بل إن ذلك يذكرهم بما تعرض له أسلافهم من معاناة حين تم نقلهم سيرا على الأقدام من مراكز تجمع العبيد إلى الساحل على المحيط الأطلسي ومنه نحو أميركا.
وباعتبارها من أهم مسارات العبيد بافريقيا قبل نقلهم الى أمريكا توارثت الأجيال أسطورة حول نهر بودو الذي يخترق منطقة كانجا نيانزي، تقول الأسطورة إن الأسرى الذين تم اعتقالهم أو شراؤهم في أسواق النخاسة بمناطق متفرقة من إفريقيا مروا عبر قوافل التجارة من هذه المنطقة واغتسلوا بهذه النهر الذي ساعدهم على تجاوز معاناتهم وخفف عنهم آلام العبودية وصعوبة الطريق الذي قطعوه مشيا على الأقدام.
أسطورة نهر بودو
في هذا الصدد يقول الباحث السينغالي ممادو تراويه إنه قبل 400 عام، كان العبيد يغتسلون للمرة الأخيرة في نهر بودو المقدس من أجل التخلص من آلام رحلتهم الطويلة واستعدادا لحياة أخرى.. وبذلك تكون مياه النهار آخر مياه إفريقية يلمسها هؤلاء العبيد قبل نقلهم لأمريكا".
ويضيف في حديثه لـ "العربية نت" "الأسطورة تؤكد أن مياه النهر ساعدت على شفاء جراح هؤلاء الأسرى وجعلتهم ينسون حياتهم الماضية وطريقة نقلهم لأسابيع مشيا على الأقدام... فحمامهم الأخير قبل تسليمهم لتجار العبيد مقابل البضائع ساعدهم على نسيان كل ما عانوا منه".
ويشير أن الإقبال حاليا على الاستحمام في نهر بودو، المعروف بأنه نهر لا ينضب، يرجع بالأساس الى تاريخ المنطقة وما يميزها باعتبارها مركزا لتجمع العبيد وممارسة تجارة الرقيق في البلاد، ويضيف "لا يزال هذا الماضي يميز المنطقة حتى ان اسمها الذي يعني في اللغة المحلية حاوية لغسل العبيد، يجعلها أاسيرة ماض يرمي بظلاله على نظرة السكان لهذه المنطقة ولنهرها الذي لا ينضب".
ويقول إن هذه المنطقة هي أول مكان في ساحل العاج يتم الاعتراف به كذكرى للعبودية وتم إدراجه كجزء من مشروع "مسارات العبيد" الذي أطلقته اليونسكو ويدرج الأماكن التاريخية لمرور العبيد في مختلف البلدان الإفريقية.
طقوس التطهير
يمارس زوار نهر بودو "طقوس التطهير" من آلامهم ومعاناتهم بشكل يشبه ما كان يفعله أسلافهم الذين أسروا وأرسلوا كعبيد إلى أميركا قبل 4 قرون، حيث يغتسل الرجال برمي مياه النهر على أجسادهم وهم فوق صخور على حافة النهر، فيما تجتمع النساء في مجموعات ويغتسلن في النهر وهن تنشدن أغاني حزينة عن مياه نهر بودو ورحلة الرحيل بلا عودة.
ويسود الاعتقاد أن طقوس التطهير التي تجري في نهر بودو تعالج الأمراض النفسية وتخفف من الآلام الجسدية كما انها تدرأ سوء الحظ والعين الشريرة.