مشادة كلامية بين النائب بيرام وولد إجاي.. ولدإجّاي استعرض الجانب "المضيء" وترك الجانب المظلم

في معرض شرح القانون المتعلق بتصفية ميزانية الدولة 2016-2017 والقانون المتعلق بديون البنك المركزي المترتبة على الدولة، شهدت قبة البرلمان، يوم أمس، تلاسنا حادا بين النائب بيرام ولد الداه ووزير المالية المختار ولد إجاي عندما كان الأخير يقدم شرحا استعراضيا كبيرا لتقسيم ميزانية الدولة بطريقة تظهر النجاح الكبير في زيادتها بصفة عامة و توزيع بنودها الحالية لمصلحة الرواتب والاستثمار في مقارنة بميزانية 2008 التي كانت تساوي 240 مليار لتقفز إلى 500 مليار محققة زيادة تقدر بـ55% وهي نتيجة فخرية لجباية الضرائب التي ظلت ضائعة على حد تعبير الوزير في الفترات الماضية. وقال ولد اجاي ان كتلة الرواتب انتقلت من 70مليار إلى 150 مليارا، وأن ميزانية الإستثمار قفزت إلى 130 مليارا بدل 30 مليارا، وأن أي مسؤول سيفكر ألف مرة في العواقب قبل أن يختلس، وأن جميع الصفقات تنفذ بشكل واقعي.
ولد جّاي استمر في عملية الإفتخار هذه وهو مزهو بنجاحات النظام في الخصوص كأمر بديهي لا ينكره إلا من يملك موقفا مسبقا من هذه الحقائق. وكان تدخل النائب بيرام ولد الداه منصبا على نفي كل هذه النجاحات، معتبرا أنها غير صحيحة، وأن البلد شهد سوء تسيير فاضح وغبن سافر، ومن ثم تم الدخول في مشادة حادة أسفرت عن تبادل الشتائم.. ورفعت الجلسة .
ولد إجاي استعرض ما اعتبرها جوانب "مضيئة" في تسيير نظامه، وترك الجوانب المعتمة فيه .
لم يذكر السيد الوزير أن هذه النجاحات انعكست على مجموعة قليلة جدا بما فيها هو وبصفة منتظمة، ولم يستفد منها المواطن لا في أمنه ولا أمانه الشخصي ولا في الخدمات العمومية حيث ظلت خدمة المستشفيات العمومية قاسية ورديئة جعلت الأطباء يضربون شفقة على المواطنين الذين يعانون من غياب أي رحمة في تلك السياسية سواء في مجال الضمان الصحي أو في توفير أدوية الإسعافات الأولوية أو في صلاح الأدوية إذ صار الدواء جزءا من المرض وليس وسيلة للتداوي، كما تدنت القوة الشرائية للمواطن بسبب ضعف الرواتب مقابل غلاء جميع الأسعار، أما بالنسبة لأصحاب المواشي والمزارعين والصيادين الفقراء فلا يستفيدون من تسهيلات ولا تخفيضات تخفف من غلواء الأسعار في الداخل، وبالنسبة للتعليم فقد اعترف عزيز نفسه بفشله بعد 10 سنوات من حكمه، وها هي المدارس الحرة تعرض على مقصلة الضرائب المزاجية. أما بالنسبة للميزانية و تقسيماتها فزيادة ميزانية الاستثمار لم يستفد منها إلا شخص واحد ومحيطه بنسبة 80%، وهو الذي يقرر طريقة صرف هذه الميزانية التي أصبحت، في النهاية، أربع ميزانيات في نهاية السنة بسبب تحول الاستثناء إلى القاعدة في تسيير الميزانية نتيجة للأوامر ولإنتقاء وخلق الفرص للالتفاف عليها وتوجيهها نحو قنوات محددة سلفا. كما لم يتكلم ولد إجاي عن صفقات التراضي التي تمتص هذه الميزانية، ولم يتحدث عن الميزانية المختلطة التي تعد نموذجا آخر لسوء التسيير ويعرف ولد إجّاي كيف وأين يوجهها في إطار عملية زبونية واضحة يدس فيها هو مواقفه ونوازعه وطموحاته بهدف خلق مكانة لنفسه والحفاظ على رضى عزيز عنه مما جعله يحشر نفسه في ميزانيات الشركات حتى تلك المستقلة ويتدخل في علاوات العمال وتخفيزاتهم وراتب المسؤولين ويخلق أبهة لنفسه تجعل المديرين يطلبون لقاءه الذي يكاد يكون مستحيلا ويبحثون عن وساطات إليه وكأنه سيدفع لهم من ماله الخاص بعدما ألقى نصف ميزانياتهم أثناء عملية المراجعة أو التصحيح التي عادة تقوم بها وزارة المالية.
لم يتكلم ولد إجاي عن 41 مليار من مال الشعب وجهت لدعم المواشي خلال جفاف 2017: أين ذهبت وهي التي لم تصرف لذلك الغرض؟! كما أنه لم يتحدث عن بند أمل الذي تراجع من 30 طن إلى 5,7 طن شهريار حافظ على موقعه وحجمه في الميزانية سنوات عديدة .
ولد اجاي لم يتحدث عن قفز هذه الميزانية على حساب القوت اليومي للمواطن حيث تم رفع التعريفة الجمركية على الأرز من 240000 أوقية عن 24 طن إلى 1870000 أوقية عن نفس الكمية. نفس الشيء بالنسبة للحليب وللمعجونات الغذائية وكذلك بالنسبة لحديد البناء. أما قصة ضريبة المحروقات فقد ظلت أكبر كارثة وتربّح مشين على حساب المواطن ستظل وصمة عار على جبين هذا النظام لأن سعر نقل البضائع مرتبط به. وبالنسبة للفساد، لم يذكر ولد إجاي الأموال التي غابت بسبب زبونية النظام مثل ضياع أموال كبيرة من حقوق الجمركة بتعليمات من النظام وولد إجاي نفسه على علم بها حيث ظل الفارق يحوم بين 70-80 دولارا للطن على مدى 6 سنوات لصالح أهل غده مثلا من مادة السكر وحده، ناهيك عن المواد الأخرى وعن الأمثلة المثيرة للحنق.
لم يتحدث ولد إجاي عن ظلم التجار بالضرائب بسبب مواقفهم السياسية أو عندما تكون الخزينة تواجه ضائقة ما، كما لم يتحدث عن أسباب تصفية الشركات التي تدفع الدولة ثمن نهبها من طرف أفراد معروفين مثل سونمكس وENER والنفاذ الشامل وغيرها.
لم يتحدث ولد إجاي عن أن ولد عبد العزيز، مثلا، يستغل طائرة لشركة الخطوط لمدة أسبوعين مما أربك برنامج الخطوط وترك المواطن في حالة انتظار غير عادية في المطارات، كما ستدفع الشركة ضريبة توقف تلك الطائرة على أرض المطارات طيلة تلك المدة، بل إنها عادت لتوصل أفراد أسرته وتعود له في الخليج مرة أخرى في حين لم يفعل معاوية ذلك طيلة عشرين سنة من الحكم. لقد ظل عزيز يقتر على المسيرين في استعمال أوراق الطباعة، وهنا نتذكر المقرر الذي يفرض استخدام مقلوب الورقة، وكأن تصرف عزيز وأهله في الدولة من قبيل تصرف المالك في ملكه وتصرف اأي أحد آخر جرم وسوء تسيير لا يحق له.
ذكر ولد إجاي المطار على أنه مفخرة ولم يذكر حجم الفساد في هذه الصفقة دون أن يذكر لماذا يجهل الجميع تكلفة هذا المشروع، ومن أين حصل على العملة الصعبة حيث أن على البنك المركزي أن لا يوفرها له، وما هي كمية المواد المعفية من الجمركة المتعلقة بهذا المشروع ومعداته، وبأي وجه صرف تمنح له اسنيم قرضا بقيمة 15 مليار أوقية، ناهيك أن المشروع أخذ المال من جيوب المواطنين، فقد امتص كتلة نقدية كبيرة كانت موجهة للتداول في سوق العقارات وحوَلها إلى بناية. ثم إن ولد إجايْ لم يتذكر أن الدولة تبيع ورقة مقابل المنح المؤقت لأرض خلاء غير مستصلحة لا تتوفر على أي خدمة عمومية، في حين أن المواطن هو من يدفع للخزينة ثمن الأرض ويقوم باستصلاحها ومن ثم يخلق ذلك حركية ونشاطا اقتصادين ونقصا للبطالة لأن هذه العملية تخلق باستمرار متعاملين جددا وتوسعا جديدا لقاعدة البيع، بينما حوَلت عملية المطار التوسع إلى الانكماش، وقلصت حركية ونشاط السوق، مع أن هناك مساحات كبيرة من هذه الأرض لم تذهب للشركة ولم تذهب للمواطنين، فأين ذهبت؟..
لم يتكلم ولد جايْ، في معرض فخره، عن المديونية التي زادت على 104% من الناتج الداخلي الخام، وهي وضعية تمنع الدولة من الاستفادة من الديون، فقد توفقت الصناديق الأوروبية عن الدين على البلد بسبب هذه الوضعية، وصارت الدولة تتوجه إلى صناديق أخرى ذات الفائدة المرتفعة.
لم يتكلم ولد إجاي عن الكثير الكثير المثير، ولم يقل بيرام إلا القليل القليل من الحقيقة..