دول الساحل في نواكشوط: قمة ناجحة لتجمع فاشل

انتهت القمة دول الساحل التي انعقدت في نواكشوط في ظروف جيدة وتناولت وضعية القارة بما في ذلك الوضع الليبي ووضع منطقة الساحل وتضمن البيان العديد من النقاط المهمة بما فيها الأمن والتنمية ،كما كان هناك حضور دولي ملفت ، وتعد هذه القمة هي السادسة من نوعها من أجل نقاش نفس المشكل المطروح بجدية منذ عقد من الزمن ،والذي هو الوضع الأمني لدول الساحل ومواجهة الحركات المسلحة ، لكن الواضح أن أي خطوة عملية تتعلق بحل الملفات المعقدة لم يتم حسمها، ملف دعم الجيوش ودعم جهود التنمية في الدول الخمسة التي يطبعها الفقر : موريتانيا ،مالي ، بوركينا فاسو ، النيجر وتشاد .إلى حد البارحة لازال قادة الدول الخمس يطالبون المجموعة الدولية بالوفاء بالتزاماتها بالنسبة التمويلات التي تعهدت بها كما جاء ذلك على لسان غزواني بلغة مهذبة ، كما أن قادة الجيوش في الإجتماعات التحضيرية يطالبون بل ويلحون على ضرورة الحصول على التجهيزات العسكرية اللازمة ، وتمويل العمليات ،الأمر الذي يتكرر التسويف بشأنه دائما ، ويزيد الأعباء على دول فقيرة منهكة وتواجه عجزا في ميزانيتها ،فضلا عن تمويل حرب طويلة الأمد ، وهو ما جعل جيوشها غير وظيفية، وتملك نفسيات أضعف للقتال ، وحوافز ومعنويات أقل من تلك التي تملكها الوحدات العسكرية التي تُوضع تحت تصرف المجموعة الدولية في مناطق الصراع الأخرى بما تملكه من حوافز ومن ظروف جيدة ، وقد أدى هذا الضعف إلى تسلل المجموعات المسلحة للقيام بعملياتها في تلك الدولة بشكل أكثر كارثية وخطورة مثل الهجوم على معسكر شينيغودار بالقرب من مالي الذي أسفر عن مقتل 89 جنديا حسب الحصيلة النهائية وهي أكبر عملية خلفت خسائر واجهها الجيش النيجري حتى الآن .
وكذلك مقتل 13 جنديا فرنسيا قتلوا خلال عمليات في مالي ديسمبر من السنة الماضية . الأمر الذي يظهر تطورها وتوسعها وقدرتها على الحركة ،وهو في الحقيقة عكس وضد أهداف القوة المنتشرة هناك للقضاء عليها أو على الأقل لمحاصرتها .والجدير بالذكر أن الحركات المسلحة لاتتحاوز 3000 مقاتل ،بينما تحاصرها أكثر من 10000جندي بينهم 4500 من القوات الفرنسية وفيالق من مجموعة غرب إفريقيا ومن الدول الخمس إضافة إلى الدعم الإستخبارتي والتقني الذي تقدمه لهم الولايات المتحدة وآلمانيا.وقد أظهر القادة الأفارقة امتعاضهم من التسويف الدولي الأمر الذي يهدد بفشل هذه المجموعة ، فقد جاء على لسان إدريس ديبي خلال برنامج “النقاش الإفريقي” الذي يبثه (راديو فرنسا الدولي) في إطار تغطية فعاليات الدورة الثانية من “منتدى باريس للسلام” – أن “بلاده طالبت ب 12 مليار دولار للتنمية و400 مليون لتجهيز الجيش ولم تتلقى أي تمويل”، وذلك في إشارة منه إلى الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، لم يفي بتعهداته بالمساعدة في القوة المشتركة لمنطقة الساحل.
وحمل الرئيس ديبي دول المنطقة، “بعض المسؤولية” وخاصة فيما يتعلق بمكافحة الفقر، مشيرا إلى وجود مناطق أكثر إحتياجا وتفتقر أيضا إلى المدارس والخدمات الصحية.
من جهته، اعتبر رئيس النيجر، أن “الحوكمة العالمية” – أحد محاور “منتدى باريس للسلام – “غير متوازنة” وقال إن “المجتمع الدولي، “لا يقدم ما يكفي لإظهار التضامن مع دول الساحل ودول حوض بحيرة تشاد”.
كما جدد دعوة دول المنطقة بضم “قوة الساحل” لمجموعة الخمسة، إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي سيفتح الطريق أمام تمويل أممي.الأمر الذي لا يجد أي تجاوب في حين تزداد هذه الدول فقرا وتتعقد لديها المشاكل ،وهو ما ينبؤ بفشل هذا التجمع أو على الأقل عدم المشاركة الفعالة لجيوش دول المنطقة فيه وبالتالي عدم القدرة على القضاء على الحركات المسلحة .