الأحد
2024/05/19
آخر تحديث
الأحد 19 مايو 2024

متطلبات ضمانات انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة / ديدي ولد السالك

29 يناير 2019 الساعة 08 و27 دقيقة
متطلبات ضمانات انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة / ديدي ولد (…)
طباعة

ورقة مقدمة، لملتقى: "التناوب السلمي والسلس على السلطة في موريتانيا"
نواكشوط 26 – 27، المنظم من قبل "تنظيم من أجل موريتانيا".
رغم ما مضى من الوقت على مسيرة الانتقال الديمقراطي في موريتانيا، التي انطلقت مع بداية التسعينيات من القرن العشرين، فإن تلك المسيرة مازالت متعثرة ولم تؤد إلى النتائج المؤملة من الممارسة الديمقراطية، التوافق السياسي وازدهار الحريات والاستقرار السياسي والتقدم في تحقيق التنمية ، عبر توسيع الخيارات أمام مواطني البلد، بدليل عدم النجاح حتى الآن في إجراء انتخابات شفافة ونزيهة، تكون نتائجها محل رضى كل الفاعلين السياسيين في الساحة الوطنية، بل إن أغلبية الانتخابات التي تمت في السابق كان الهدف منها تجميل وجه النظام الخارجي وتكريس الاستبداد في الداخل.
واليوم تمر موريتانيا بمنعطف هام وخطير في نفس الوقت، لما تفتحه استحقاقات الانتخابات الرئاسية في 2019 من آفاق للانتقال بالبلد إلى مرحلة التناوب السلمي على السلطة، لتأسيس عهدا جديد من الاستقرار السياسي، يضمن انطلاق قطار التنمية المتعطل في موريتانيا منذ عقود، كما تفرض تلك الاستحقاقات الكثير من تحديات والمخاطر، إذا لم يتم التعامل معها بالوعي والحكمة المطلوبين لضمان تكريس التناوب السلمي على السلطة وبناء دولة القانون والمؤسسات المجسدة لدولة المواطنة الحقة والفرص المتساوية، لكي لا نبقى ندور في حلقة عدم الاستقرار والتخلف عن ركب الأمم الناهضة.
خاصة أن البلد يعاني من أزمة سياسية خانقة منذ الانقلاب العسكري 2008 ،الذي اطاح بالنظام الشرعي، وهي الأزمة التي لم يستطع البلد الخروج منها نتيجة الفشل في تنظيم حوار سياسي شامل يؤسس أرضية للتوافق السياسي، تساهم في اطلاق مسار الانتقال الديمقراطي المتعثر، وفتح الطريق أمام سياسات حقيقة لمحاربة الفساد المستشري وما انجر عنه من أزمات اقتصادية واجتماعية، أبرزها تفشي البطالة والفقر والاحتقان الاجتماعي، وتآكل مؤسسات الدولة وترهل ما هو موجود منها.
وانطلاقا من تجربة الانتخابات التي تمت في العقود الماضية، وضرورة العبور بالبلد إلى مرحلة التناوب السلمي على السلطة، عبر انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة، تنال ثقة مختلف الشركاء السياسيين في الساحة الوطنية، ينبغي العمل على :

المحور الاول: ضرورة الوعي بالاختلالات التي صاحبت الانتخابات السابقة.
لقد تم تنظيم أغلبية الاستحقاقات الانتخابية في السنوات الاخيرة، في مناخ سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي في غاية التأزم والاحتقان، وصابتها الكثير من المخالفات القانونية والاختلالات التنظيمية، التي ينبغي الوعي بها لمواجهتا، والتي من أبرزها :
1- الارتجالية في اتخاذ القرارات والأحادية في تسيير العمليات الانتخابية، مع التضييق على قوى المعارضة ومحاصرتها .
2- عدم مراعاة النظم القانونية في تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات.
3- عدم احترام الآجال القانونية.
4- اعتقال وسجن المرشحين.
5- انتشار ممارسة التزوير وبكل أشكاله من خلال :
* تحكم السلطة في اللجنة المستقلة للانتخابات.
* تواطؤ اللجنة المستقلة مع الإدارة في تعين رؤساء مكاتب التصويت؛
* التدخل السافر لأجهزة الدولة في تزوير المحاضر؛
* توزيع بطاقات التصويت خارج المكاتب؛
* استخدام الجيش في التصويت لصالح مرشحي حزب السلطة.
* استخدام القضاء .
المحور الثاني : شروط المناخ السياسي المناسب لإجراء الانتخابات .
ينبغي العمل على إجراء حوار لخلق الظروف المواتية لتنظيم انتخابات رئاسية، تضمن تناوب سلمي على السلطة، بشكل توافقي في مناخ سياسي سلمي مع نهاية المأمورية الحالية لرئيس الدولة، قصد تصحيح الإختلالات و الأخطاء التي صاحبت جميع الانتخابات، وذلك من خلال:
1- الوقوف امام أي عمل من شانه ان يعرقل مسار التناوب السلمي على السلطة في 2019 من دون تنازل ولا مواربة.
2- خلق رؤية وأرضية لمعضلات التوافق السياسي، بما فيه تحديد ملامح للمستقبل يجد فيها كل طرف ذاته ويأخذ من خلالها البلد نفسا عميقا وامانا من الغرق وهو يعبر إلى التناوب السلمي على السلطة.
3- خلق مناخ من الثقة بين مختلف الفاعلين قادر على نزع فتيل الاحتقان وتحريك القاطرة السياسية نحو التناوب السلمي على السلطة في جو هادئ، بعيدا عن كل مظاهر التشنج والعنف المعنوي أو المادي .
4- الوقوف بكل الوسائل ضد أي عمل او مجهود فردي او جماعي موجه او مقصود او عفوي من شانه المس او الاخلال بمبدأ التناوب السلمي على السلطة.
5- تبنى كل الخطوات السياسية التي تضمن الوصول الى شفافية الانتخابات والتناوب السلمي على السلطة، بشكل صريح وواضح ليس بطرق شكلية او مزيفة، عبر احترام قواعد اللعبة الديمقراطية.
6- اصدار ميثاق شرف، قبل انتخاب رئيس الجمهورية سنة 2019، توقع عليه كافة القوى السياسية والمدنية في الساحة الموريتانية، تعلن فيه، التزامها بالتناوب السلمي على السلطة، وتشبثها بقيم الديمقراطية المتعارف عليها عالميا.
المحور الثالث : الشروط المطلوبة من قوى التغيير لإنجاح التناوب السلمي على السلطة.
يفترض في القوى الساعية إلى التغيير والاصلاح في موريتانيا، عبر تكريس التناوب السلمي على السلطة العمل على :
1- أهمية الوعي باستغلال الوقت وضرورة التخطيط والتحضير الجيد لانتخابات الرئاسية في 2019.
2- ضرورة قيام الأحزاب السياسية، بتحسين الخبرة لمواردها البشرية، عبر تدريب كوادرها، على الأساليب الفعالة للحملات الانتخابية وطرق الإشراف على الانتخابات وتسييرها.
3- ضرورة البحث عن الموارد المالية الكافية، والتي يعتبر توفيرها شرطا أساسيا لخلق أي منافسة جادة.
4- التنسيق بين الطيف المعارض وكل قوى التغيير الجادة، وأن يكون ذلك التنسيق على أسس واضحة وصلبة.
5- ضرورة ابتكار وسائل جديدة لمنافسة السلطة في الانتخابات القادمة، فالمعارضة لن يكون بمقدورها أن تنافس النظام من خلال مواجهته بنفس وسائله وأساليبه التقليدية.
6- أن تقوم قوى التغيير في موريتانيا بتأسيس مرصد وطني لمراقبة الانتخابات الرئاسية، على أن يقوم هذا المرصد بتأهيل وتدريب فرق لمراقبة الانتخابات الرئاسية القادمة.
المحور الرابع : ضمانات شفافية العمليات الانتخابية.
لقد بينت تجربة العقود الماضية، حجم سوء استخدام وسائل وسلطة الدولة ضد الخصوم السياسيين للنظام الحاكم، مما يفرض القيام بسلسلة من الاجراءات والسياسات لضمان عدم تحكم السلطة القائمة باي أدوات أو اجهزة لها علاقة الانتخابات، وذلك من خلال:
1- إقامة لجنة مستقلة للانتخابات، مستقلة عن السلطة القائمة وكذلك مستقلة عن الاحزاب السياسية، تمتلك كل الضمات المادية والمعنوية، التي تمكنها من القيام بعملها على الوجه المطلوب، يكون من صلاحيات اللجنة المستقلة للانتخابات ضبط وتحديد تاريخ الانتخابات الرئاسية وتتأكد من ملاءمة الظروف التي ستجري فيها، وفقا للقانون.
2- ضمان حياد الإدارة.
3- إبقاء القوات المسلحة وقوى الأمن خارج اللعبة السياسية .
4- ضمان عدم استخدام سجل الحالة المدنية للتأثير على الانتخابات.
5- ضمان عدم استخدام المال السياسي في الانتخابات.
6- ضمان صدقية المجلس الدستوري.
7- إعادة تشكيل الهيئة العليا للسمعيات البصرية، لضمان ولوج جميع الاطراف السياسية لوسائل الاعلام .
8- تطبيق صارم للنصوص المتعلقة بالتعارض.
9- ضمان صدقية المؤسسات القضائية التي لها علاقة بالعمليات الانتخابية.
10- إجراء احصاء اداري شامل ذو طبيعة انتخابية.
الخلاصة في نقطتين :
إذا لم تتحقق الضمانات السابقة، فإن الانتخابات الرئاسية القادمة، ستكون نسخة طبق الأصل من سابقاتها.
وأن النخبة الموريتانية عليها أن تختار بين أن تجعل من الانتخابات الرئاسية القادمة، جسرا للعبور بموريتانيا إلى مسار الديمقراطية والنهوض بالتنمية، أو تختار أن تتركها، تدور في حلق مفرغة من التخلف وسيادة الخطاب الشرائحي وإدارة انظمة الاستبداد.