ولد الغزاوني: أجدد التأكيد على عزمنا مواصلة جهود محاربة الفساد وتعميقها

قال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في رده على سؤال حول تقرير محكمة الحسابات خلال السنوات الثلاث الماضية من حكمه "لقد بادرت فور تسلمي مقاليد الأمور، إلى انتهاج مقاربة جديدة في مجال محاربة الفساد تقوم على المؤسسية والصرامة والاستمرارية، مع الحرص على ألا تكون محاربة الفساد هي نفسها فسادا يتم في إطاره تصفية الحسابات مع البعض وحماية البعض الآخر والتستر والتعمية على فساد أكثر ضررا في مواقع خاصة.
ومع أنه مازال الكثير يتعين القيام به في هذا المجال، إلا أنني أعتقد أننا حققنا تقدما ملموسا على طريق إرساء أسس حكامة رشيدة ضرورية لصيانة الممتلكات العامة وتسخيرها لمصلحة المواطن وخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد.
أظن أن بإمكانكم وبإمكان أي صحفي متابع رصد عدة أمور طرأت على ديناميكية محاربة الفساد. منها ترفيع المفتشية العامة للدولة وتعزيز طواقمها وأخلقتها من خلال تأدية اليمين، ومنها أن تقارير محكمة الحسابات التي سألتم عنها تنشر لأول مرة في تاريخ البلد. وفي هذا الإطار، فقد وجهت بالنظر في إمكانية نشر تقريرها سنويا بدلا من نشره كل ثلاث سنوات وذلك من أجل أن يتسنى اتخاذ كل الإجراءات المناسبة في حق المتهمين بالتجاوزات وهم لايزالون في مناصبهم ومن أجل وقف الاختلالات والتجاوزات دون تأخير.
وانتهز هذه السانحة لأقدم للجمهور نبذة محدثة عن عمل واحد فقط من أجهزة الرقابة وكشف الفساد، وهو الجهاز الذي ذكرتموه بالاسم في سؤالكم. فقد بلغ إجمالي النفقات التي خضعت للتفتيش منذ إلحاق المفتشية العامة للدولة برئاسة الجمهورية 24.181.338.865 أوقية جديدة، من بينها 2.569.094.307 أوقية جديدة لوحظت أخطاء تسييرية في تنفيذها (10,6%). الأخطاء التسييرية التي شكلت أضرارا مالية على حساب الدولة تمثل (35%) من الأخطاء التسييرية المكتشفة أي مبلغ 907.210.877 أوقية جديدة. وقد تم استرجاع هذا المبلغ بطرق مختلفة حسب مرحلة النقفة. وتشمل هذه الطرق الاسترجاع بالدفع في الخزينة العامة إن كانت المبالغ المعنية قد سددت بالفعل، وعدم التسديد في الحالة المعاكسة. هذا فضلا عن إلزام المقاولين بإصلاح الخلل الملاحظ في المنشآت التي تعاقدت معهم الدولة على إنجازها. تجدر الإشارة الي أن عدة مشمولين بتقارير المفتشية أحيلوا للقضاء.
صحيح أنني فعلا أوصيت أن يتم ذلك من دون تشهير وبعيدا عن الاستغلال الإعلامي. أكثر من ذلك أستطيع أن أؤكد أنني لم يصلني تقرير نهائي عن أي مؤسسة بتوصيات محددة إلا واتخذت القرار المناسب على الفور، عقوبة إدارية كانت أو قانونية أو تقنينا.
وأخيرا، أجدد التأكيد على عزمنا مواصلة جهود محاربة الفساد وتعميقها، بصرامة ومؤسسية، مع التنفيذ الحرفي لتوصيات تقارير أجهزة الرقابة. فالفساد، بطبيعته، مقوض لدعائم التنمية، بهدره موارد الدولة، وتعطيله المشاريع عن تحقيق أهدافها، وإخلاله بالعدالة التوزيعية للثروة، وهتكه قواعد دولة القانون، بما يضعف ثقة الأفراد فيها، ويصيب النسيج الاجتماعي في الصميم.
ومن حسن الحظ أن الاستراتيجية الوطنية الجديدة لمحاربة الفساد تفتح المجال واسعا أمام كل الفاعلين والقوى الحية للمساهمة في التصدي لهذا المرض العضال وننتظر من الصحافة، على وجه الخصوص، أن تضطلع بالدور المنوط بها في هذا المجال، بكل مهنية وحياد ومسؤولية".