الثلاثاء
2024/05/7
آخر تحديث
الثلاثاء 7 مايو 2024

الوضع مع مالي جد خطير.. وكان من الواجب أن تكون هناك تسويته قبل الشروع في الانتخابات

29 أبريل 2024 الساعة 17 و00 دقيقة
الوضع مع مالي جد خطير.. وكان من الواجب أن تكون هناك (…)
طباعة

ما أثاره الرئيس محمد ولد مولود حول المخاوف من تأزم الوضع وحلول الكارثة بجاليتنا في مالي حقيقي ودامغ، في حين تنبري النخبة الوطنية في السياسية الهوجاء حيث لا يوجد سوى الخطابات الذابلة والانغماس في الاستحقاق المقبل …نحن اليوم في مواجهة خطر كبير ومتعاظم، ولا يدري أحد ما مداه الحقيقي، ولا ما هو تفكير السلطات المالية العميق حوله. إنه احتمال التوتر مع مالي الذي سببه الجيش والسلطات المالية وليس الشعب. وهذا مكمن الخطر كما أشار إلى ذلك الزعيم محمد ولد مولود ..تختلف مالي عن السينغال بالنسبة لموريتانيا حيث هناك تداخل كبير في الحدود بسببه لم يتم التمكن من رسمها نهائيا إلى اليوم، فالقرى المالية في داخل الأراضي الموريتانية، وكذلك القرى الموريتانية في داخل الاراضي المالية. وهكذا لا يمكن اقتطاع الأرض دون السكان ولا يمكن تهجير السكان .
إن هذا التداخل متاخم لأربع ولايات تضم أكثر من ثلث سكان البلد، وتضم أكثر من ثلث خريطة البلد أيضا .إنها مورد لحياة مجتمع عريض من المنمين وكذلك من التجار ومن المصالح المتشابكة والتعايش الذي لا يمكن تعويضه بأي ثمن. إنه مرتبط بالجغرافيا والتاريخ وليس بالسياسة. لا يمكن للحكومة المالية ولا الموريتانية تعويض أضراره نهائيا، وهو بذلك إن حل به توتر فسيكون كارثة على جميع المستويات وبأعتى المظاهر . علينا أن نتذكر أن تلك الولايات كانت ترفض الانضمام لموريتانيا لخوفها من أن تحول ترسيم الحدود بينها والانتجاع في مالي .
الرئيس المالي يعلن العداء لفرنسا، ويربط الموقف الموريتاني بفرنسا، ويملك قوة عسكرية جديدة تغريه بالتصعيد، فلابد من التعامل معه بجدية قصوى، ومنحه الاهتمام الكبير والأولوية والتركيز المناسب، الأمر ليس قضية حدودية، بل هو استراتيجي وعميق بالنسبة للشعب .
الحكومة الموريتانية أوفدت وزراء لم يحصل الشعب على تصريحات مطمئنة ولم يتلق وفدا حكوميا يشرح له نتائج تلك البعثات خاصة أنها جاءت في أعقاب عمليات قتل وتوغل في الأراضي الموريتانية يختلف السكان المحليون والدولة على حقيقته. إن الشعب في حيرة من موقف الحكومتين اتجاه القضية. كما لم تسفر وفادة وزير الدفاع إلى مالي بأخبار مطمئنة. لقد شاهدوه عندما كان يصرح برطانة للصحفيين المالين ،وهكذا لم يحصل المواطن الذي كان هدفا لهذه المهمة على أي معلومات جديدة تطمئنه. كانت التصريحات في الحقيقة مِجاملة. وهكذا يبدو أن الوضع ما يزال مقلقا بالنسبة للمواطنين الذين يتطلعون بتعطش لجهود قوية من الدولة. المراقبون بيعتبرون أن الأمور في اتجاه الخروج عن السيطرة إذا لم يتم تداركها، وأنه لابد من قمة حول الموضوع، ولابد من جهود قوية، ويرون أن موقف الدولة ليس بحجم تخوف السكان .
إن المواطنين في أشد الحنق هذه الأيام، وهكذا في اعتقادهم أن الدولة لا تتعامل مع حجم انشغالهم .
إثارة هذا الموضوع من طرف حزب سياسي اليوم هو عين التشبث بهموم المواطنين وبالمشاكل الاستراتيجية والحيوية للسكان وللبلد، وهو وعي ممتاز واستباقي لما قد تؤول إليه الأمور وملامسة عميقة لشعور وانشغال ثلث الشعب اليوم في المناطق الشرقية حيث توجد أغلب الثروة الحيوانية الموريتانية وتعيش الأكثرية على التنمية ،وفي ضوء واستحضار الكارثة الانسانية والاجتماعية التي ألمت بنا سنة 1989 مع الجارة السينغال والتي لازلنا نتجرع مرارتها ،وإن كانت الوضعية بالنسبة لمالي تختلف على جميع الأصعدة حيث لا يتناسب عدد الأشخاص ولا المصالح ولا المواشي. وهكذا يجب أن تكون مسألة رأي عام وقضية رئيسية اليوم ..الشعب الموريتاني يواجه سنة جفاف واسع، وفي نفس الوقت لم يتحرك البرنامج الاستعجالي بعد ُ رغم أن الدولة لن تتمكن من تعليف كافة المواشي العائدة من مالي أكثر من 60% من الثروة الحيوانية الموريتانية على طول فترة الأزمة حتى ولو لمدة أسبوع واحد. إنها ملايين الرؤوس .إنها كارثة بكل المقاييس ،وإن كان الأمر سيحيلنا للتجارب السابقة حيث وصلت خنشة القمح ل 12000 أوقية قديمة، فلن يكون الأمر سوى موت محقق لملايين الرؤوس من المواشي التي من المحتمل أن يتم طردها من الأراضي المالية في حالة أي توتر .إن الوضع جد خطير، وكان من الواجب أن تكون تسويته قبل الشروع في الانتخابات. صحيح أن الانتخابات استحقاق دستوري، لكن ثلث الشعب أيضا أمر آخر .إن الناس اليوم ليسوا على نفس الدرجة من الاطمئنان والأمان على أنفسهم وممتلكاتهم. وبالتالي ليسوا جاهزين للانتخابات د، وسوف لن يكون دورهم فاعل دا ماداموا يواجهون خطرا ماحقا .ورغم كل ذلك كانوا يتطلعون لأن يسمعوا من الدولة ومن الرئيس بصفة شخصية تطمينات حول الوضع .إن آخر ما يفكرون فيه اليوم هو الانتخابات، وهكذا من المتوقع أن تكون نسبة المشاركة متدنية بسبب العزوف عن كل الأمور التي لا تتعلق بوضعهم وانشغالهم وهمومهم اليومية، كما لن يتمكن أي مرشح من إقناعهم ببرنامج لا يتضمن رفع هذه الغمة خاصة إن كان رئيس جمهورية .

الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار