لحظات قبل الكارثة..!
أنصح من لديه أرض في تفرغ زينه أو غيرها بأن يبادر إلى وضع حائط عليها أو بيعها، فقد نمى إلى علمي أنه كانت تنشط خلال الأشهر والسنوات الماضية عصابات تقوم باستخراج أوراق جديدة للأراضي البيضاء (أي الخالية من البناء) وبيعها، أحيانا عن طريق استصدار شهادة وفاة مزورة لمالك الأرض الذي يحصلون على اسمه من سجلات الإدارة، وحصر ورثة مزور، ووكالة ثم استصدار نسخ من أوراق الأرض، وأحيانا عن طريق استصدار نسخ من أوراق الأرض وعقود بيع مزورة، وكل أرض وجدوها لم تسدد بعد يقومون بتسديدها واستصدار أوراق لها لصالحهم.. وقد أخبرت بحالة من هذه الحالات فوجئ قبل أسابيع مالك الأرض الأصلي ببنائها من قبل مشتر اشتراها من متحايل..
نوع ثان من هذه المشاكل وقفت عليه يتعلق بالحراس الذين يسكنون بعض هذه القطع غير المستعملة التي لا مالك لها أو أذن لهم مالكها، حيث فوجئت أسرة منهم كانت تقطن بإحدى تلك الأراضي بتفرغ زينه منذ سنوات كثيرة بأشخاص يقولون بأن هذه القطعة ملك لهم، واستدعوهم لوكيل الجمهورية اليوم ولا أدري كيف سيكون حل هذه المعضلة بين الطرفين..
بعد تسلم فخامة الرئيس الحكم في 2019 نشطت وزارة الإسكان بالتعاون مع وزارة المالية لإعداد مخطط شامل لانواكشوط وإصلاح جميع الوثائق العقارية.. كشف المسح الذي أجرته الوزارة عن آلاف التجاوزات في حق المساحات العمومية والشوارع في العاصمة، وكان الحل تفاديا لهدم منازل بالمليارات تصحيح المخطط العام للمدينة بناء على ذلك.. وفعلا صحح المخطط بالنسبة لتفرغ زينة بينما تعطلت إجراءات تصحيح الملكية للمنازل والأراضي التي لها أوراق متعددة الملكية في المقاطعات الأخرى، أو التي لا أوراق لها أصلا..
وتم ترحيل الحراس من تفرغ زين بتعاون بين وزارة الإسكان والتآزر والسلطات المحلية وفتح شارع كبير بين لكصر وتيارت وتفرغ زينة كانت عليه مخيمات كثيرة للحراس على أساس أنه سيتم بناء هذا الشارع وسفلتته من قبل وزارة التجهيز، وهو ما لم يقع، بينما عادت مخيمات الحراس إلى منطقة هذا الشارع الذي تقع عليه قطعة أرض تفرغ زينه التي ظهر فيها النزاع حاليا...
لقد أحسنت الدولة بإنشاء وزارة خاصة بالعقارات، لكن ما لم يصحب ذلك وقف التمدد العشوائي، ووقف الاستغلال غير الشرعي للشوارع والساحات العمومية، وبناء شوارع فاصلة بين المقاطعات، وتسوية وضعيات جميع الملكيات العقارية في جميع المقاطعات، وتنفيذ عقوبات رادعة على المتحايلين على أراضي الغير، فلن تكون لنا حالة عقارية سليمة...
غير ذلك سيبقي الفوضى كما هي وستظل قضية الأرض في هذا البلد قضية كبرى لا تنتهي، والدولة تتحمل في هذه الوضعية مسؤولية جسيمة.. حيث إنه في كل جهة من جهات العاصمة تولد الگزرات، وتنمو وتترعرع على مرأى ومسمع من السلطات حتى إذا أصبحت بعشرات أو مئات الملايين جاءت السلطات لتهدمها فوق رؤوسهم، وأحينا ترضخ وتتركهم فيها أو تشرعها لهم.. وفي جميع الأحوال هذه ليست تصرفات الدول.. الدول ليس شيئا غير فرض النظام، ومن فرض النظام أن يتم الهدم عند أول البناء حتى يفهم الجميع ألا تسمح مع الإخلال بالنظام...
الحسين بن محنض