السبت
2024/10/12
آخر تحديث
الجمعة 11 أكتوبر 2024

قراءة في خطاب الوزير الأول، المختار ولد أجاي، أمام البرلمان

5 سبتمبر 2024 الساعة 18 و04 دقيقة
قراءة في خطاب الوزير الأول، المختار ولد أجاي، أمام البرلمان
طباعة

1- الانطباع الشخصي والتقييم،
2-القراءة في الخطاب،
3-الموقعات.

 1-الانطباع الشخصي
من المهم جدا الانتباه لهيئة وشكل المسؤول وهو يقدم خطابه لمتابعة نفسيتة ومدى ثقته بنفسه وبموضوعه أثناء الالقاء: فهل هو جزء من مادته أو هو مستقل عنها؟.
كان المختار ولد اجاي متدفقا على خطابه، منسابا في موضوعه، وكأنه أحد مفرداته. وبكل ثقة في جهوريته، كان مثل المدقق اللغوي الذي يقف على الهمز ويحترم الفواصل والنقاط وكل فقرة بمجامعها ومجاملها. إنه يريد أن يقول انه هو من صنع هذا البرنامج بكل التزاماته وتعهداته وصرامته ورسائله، وأنه يعي ما يقول، ويعرف ما يلتزم به خلال المائة يوم. صحيح أنه انبجاس، لكنه أيضا عمل بالفاعلية كما لو أنه يقول انه يستطيع، نعم؛ يستطيع.
لم يشأ ولد أجاي أن ينساق في التقليد في "أوالية" الوزراء الأول: خطابات تئن بالتسويف والعودة لتمجيد الإنجازات. لقد طفق الرجل إلى العمل وإلى تشخيص الواقع انطلاقا من لب المشكل بتشخيص الحالة الفكرية للشعب بمقياس الوعي والزمن "….استقر في الوجدان الجمعي من كون الدولة كيانا أجنبيا معاديا، لا حرمة له"، وما ينشأ عن ذلك من استسهال التعدي على المال العام والتهاون في المحافظة على المؤسسات والبنى التحتية العمومية، وكل ما له طابع عام. إنه يعبر عن عمق المشكلة الوطنية ومستوى التعاطي مع الشأن العام: "المشاريَه والكزرة". لكنه يريد أن يعلن انعطافة جديدة: "إنا مبرمون " في مجابهة الظاهرة اللاعقلانية والمدعومة بالشعور الجمعي بالعمل -في أيامنا الغابرة يذهب المؤهلون للحرب أو للعمل وتبقى النساء والأطفال والمخلفون والطبالون وغيرهم في "الحله أو المحصر "ويكون شغلهم في الحكايات والغناء والأراجيف - إننا اليوم في دولة القرن الواحد والعشرين. هناك من يريد أن يعمل وهناك من من يريد أن يفوض ويعرقل ويقوض ويستخدم لذلك الطبالين والمثبطين والمحبطين والتخذليين من رواد العالم الافتراضي والعالم الإعلامي .لم يول المختار، ضمن حلوله لمعضلات "مأزقه" ، أي أهمية لذلك. لقد عبر عن وعي بالمسؤولية الشخصية الملقاة على كاهله والتكليف الذي أنزله على ظهره الرئيس. إنه يتحمل صعوبات وطن راكم الفشل بحيث لا يوجد أي شيء يتحرك بشكل مستقيم وبفاعلية ووفق أهدافه المنصوصة له. لقد كان جريئا بما يجيز التنويه بها ويقاسي آلام دولة جثم على مفاصلها الوهم وسوء الاضطلاع بالمسؤولية الوطنية .ليس واقعيا في ظرف كهذا أن تتجرأ على أن تلتزم بخطة دقيقة لهذا الحد وفي آجال بهذا القصر. ومع ذلك فقد وضع الوزير الأول تحديا رفع الجمود ومطاردة جمهور المرابين الذين وضعوا مشاريع الدولة في حالة سكون وجمود من أجل إعادة 13 مشروعا ومنشأة للحياة وللفاعلية ضمن هذه الخطة الحكومية، ومن أجل ضمان فاعلية في المستقبل، فقد قرر بوضوح وبصوت عال وبقدر قليل من الديبلوماسية أنه سيحارب، وبلا هوادة ، كل من تسول له نفسه التلاعب بصحة مواطنينا. لقد وردت الفقرة مرات في مواطن ذات التجلي العالي السقف من الانحياز للمواطنين والتعبير عن ذاتية الدولة وقبضتها من حيث المسؤولية وصلابة الارادة وقوة التعبير عن الارادة والموقف .إنه يؤكد أنه لن تأخذه لائمة في مجابهة من يريد أن يجوع أو يقتل أو يضر بمصالح شعبنا الحيوية. إنها بارقة جديدة ومفردات غير معهودة في السياق نفسه. إنه يعرف من يقصد، كما جعلهم يعرفون أنه يعنيهم بالذات. إنه يعي ما يقول كما لا يريد أن يكون ذلك إعلانا سياسيا فقط .
لقد أعلن الوزير الأول مجابهة تلك الوضعية في إطار استراتيجي وعبر محورين: "محور المتابعة الدؤوبة لتلك المشاريع والصفقات، ومحور محاربة الفساد" كما جاء في خطابه….وذلك من خلال تطوير واستكمال الإطار القانوني لمكافحة الفساد، وتحصين القطاعات التي تعتبر أكثر عرضة له، واسترداد الأموال العامة المنهوبة، وتأمين منظومة محينة وفعالة لمكافحة الإثراء غير المشروع، وحماية كاشفي الفساد، وبناء منظومة صفقات عمومية أكثر تحصينا ضد الفساد.
لم يكن ذلك الوعيد وحده هو ما ميز الخطاب، فقد حمل تشجيعا لروح التميز والمثابرة، وأعلن عن مكافأة دائمة في ميزانية الدولة للجادين من معلمين وأطباء والمشرفين على الترقية، ودعم العوامل الذاتية، وتحفيز التفوق .إنه قال كل شيء من أجل أن يقول إن المواطن هو المرجعية الاولى والأخيرة للعملية السياسية والحكومية، بل بأنه الهدف الأسمى والأخير من كل ذلك .وهكذا لم يتم نسج خيوط وحوك هذا الخطاب في مكاتب الوزارة الأولى، نصف الوثيرة، بل جاء عبر شهر من العمل والاجتماعات مع جميع المعنيين في القطاعات الحكومية والشركاء الخصوصيين. إنه عصارة جهد عملي وتخطيط بمعطيات وأدوات واقعية. وهكذا تم الإعلان عن الاتفاق بشأن الأسعار واستمرار العمل في ذلك. إن المواطن سيسترجع شهريا مبلغا مهما بسبب تراكم نقص الأسعار في عدة مواد يستخدمها. وسيكون لذلك أثر كبير على متدنيي الدخل الذين لا يهمون طبقتنا المثقفة والإعلامية كوحدة قياس اجتماعية وتخطيطية مهمة .إنه إجراء في شهر تم خلاله أيضا تأمين عدم زيادة الاسعار مدة العقد مع الالتزام بالمراجعة والمتابعة. إنها البداية …

يتواصل

الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار