من يصدق أمريكا في عدم قدرتها على كبح جماح نتنياهو المتهور وتوقيف الحرب في فلسطين ولبنان تفاديا للأسوأ ؟
لقد أثقلت مسامعنا تصريحات الزور المتكررة على لسان كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن ، والمتعلقة أساسا بمساعي الولايات المتحدة الأمريكية الحثيثة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد أشهر عديدة من إندلاع الحرب بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل في 7 أكتوبر 2023 ، تلك التصريحات التي كانت وما زالت حتى مع توسع الحرب في لبنان مجرد جعجعة بلا طحين .
أكاذيب الولايات المتحدة الأمريكية ومغالطاتها التي شنت على أساسها حروبها الظالمة وعدوانها السافر على بعض الدول وإستغلالها لمقدراتها وعدم إكتراثها لمعاناة شعوبها ، لم تعد تنطلي على أحد ، ولكم في عدوانها على أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا ، وفي عداوتها لفنزويلا وكوبا وإيران وكل الدول التحررية التي إستهدفتها بالعقوبات وبالإغتيلات السياسية وإختلاق المعارضات وتزوير الإنتخابات ، خير دليل على أن أمريكا هي الخصم والحكم وهي الآمر الناهي ، الذي لا يهتم إلا لمصالحه ورعاية من يرعاها ويخدمها حتى وإن تجاوز كل الأعراف والقوانين ومواثيق الشرعية الدولية وتلطخت يداه بدماء الأبرياء ، هذا هو وجه أمريكا القبيح ، وهذه هي إستيراتجيتها في بسط نفوذها ، وما وقوفها اليوم الى جانب إسرائيل بالشئ الجديد ، وما إرتكبته أمريكا وهذه الأخيرة من عدوان سافر وهمجية فاقت كل الحدود في منطقة الشرق الأوسط لايدع مجالا للشك ، فجرائم إسرائيل التي يندى لها الجبين في قطاع غزة وإبادتها الممنهجة ودمارها الشامل لكل مقومات الحياة هناك ، هي جزء من سيناريو شامل دبر بليل لهذه المنطقة ، وهاهي إحدى فصوله تتكرر اليوم في لبنان دون رادع من أمريكا وأذنابها من العالم الغربي والعربي ، الذين إنساقوا وراء ظلمها البين خنوعا ومجافاة للحق والحقيقة ولكل ما تمليه القيم والمبادئ الإنسانية العالية .
فأمريكا ورغم ما إقترفته إسرائيل من تجاوزات فادحة وإنتهاكات جسيمة للقانون الدولي ، إلا أنها ظلت تساندها في السر والعلن ، وتحميها من أحكام العدالة الدولية ، وتحول دون متابعتها ومحاسبتها على تغولها وظلمها السافر وتجاوزها المشهود لكل الخطوط الحمر .
لقد آن لنا أن نتأفف من السياسة الجهنمية لأمريكا ومن مناوراتها الظالمة وإستخفافها الواضح بحقوق الشعوب وسيادة الدول ، التي لا تعني شيئا بالنسبة لها في معادلة المصالح التي تتبناها في تجاهل تام لكل الأعراف والقوانين الدولية .
هكذا تطلق الولايات المتحدة الأمريكية العنان لإسرائيل لخدمة أهدافها وتحقيق مآربها الإستيراتجية في الشرق الأوسط ، ولذلك بات من الضروري أن نفهم تلاعب أمريكا بالمصطلحات ، فعلى أي أساس يتم تصنيفها للإرهاب ، فإذا لم تكن إسرائيل التي تستهدف المدنيين وتقتل الأطفال والنساء والشيوخ ، وتمثل بجثث الفلسطينيين وترميها من على أسطح المنازل إرهابية ، فبأي حق تصف أمريكا فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني بالإرهاب ، ولم يسبق لإي منهما أن إستهدف المدنيين الإسرائيليين بالقتل والتنكيل ، وخير دليل على ذلك ما شهد به الرهائن الإسرئليون الذين أطلق سراحهم في عملية التبادل التي جرت بين حماس وإسرائيل في مرحلة سابقة من الحرب على غزة ، حيث أشاد هؤلاء الرهائن بما تلقوه من معاملة حسنة من طرف مقاتلي المقاومة .
على الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل أن يفهما أن حبل الكذب قصير ، وأن المتستر بالأيام عريان ، وأن مناوراتهما الإعلامية لن تحقق لهما نصرا عسكرية على المقاومة ، وهما من هزمتا شر هزيمة بإفتقادهما للمصداقية ومنعهما لبعض وسائل الإعلام الموثوقة من تغطية الأحداث ونقل الحقائق لجمهور عريض من المتلقين أصبح يميز بين الغث والسمين في مجال الأخبار .
لقد سمعنا حديثا عن مساع أمريكية لوقف الحرب بين حزب الله وإسرائيل لمدة ثلاثة أسابيع، وإذا صدق هذا الأمر ، فلا شك أن إسرائيل وقعت في فخ غير محسوب العواقب وتعرضت لضربة قوية لم تكن لتتوقعها على الجبهة اللبنانية ، خصوصا بعد أن أبان حزب الله عن أسلحة جديدة وصلت إلى عمق تل أبيب ودمرت العديد من الأهداف العسكرية الإسرائيلية المهمة ، هذا فضلا عن توجيه المقاومة العراقية واليمنية لصواريخ ومسيرات الى داخل إسرائيل ما شكل وحدة الساحات التي عجز نتنياهو بتهوره الأعمى عن تفكيكها في آخر المطاف ، ما جعله يستشعر الخطر ويخر ساجدا للأمر الواقع الذي لم يعد في صالحه .
بقلم : محمد حسنة الطالب