الأربعاء
2025/12/3
آخر تحديث
الأربعاء 3 دجمبر 2025

عيد الإستقلال والتحولات المؤجلة

منذ 1 ساعة
عيد الإستقلال والتحولات المؤجلة
محمد المختار ولد محمد فال- كاتب صحفي
طباعة

فتحت أحاديث الرئيس خلال زيارته للحوض الشرقي مؤخرا شهية شعبنا المتعطش لمحاربة الفساد وضرب مظاهر ما قبل الدولة، المتمثلة في القبلية والجهوية والشرائحية والعرقية واللونية، التي وجدت صداها بقوة داخل أجهزة الدولة وقرارتها وتعييناتها في مختلف المناصب الدنيا والحساسة بالدولة، الشيء الذي ضرب المرفق العمومي في مقتل وحرف "سياسات" الدولة المفترضة عن وجهتها الصحيحة، وهو ما رسخ الفساد وأوجد له بئة حاضنة، تدافع عنه باستماتة، باسم المحاصصة تارة، أو لتدارك فجوة الغبن تارة أخرى.
واقع حول المرفق العمومي إلى خصوصي، وجعل من المال والمناصب والامتيازات ومزايا النفوذ، دولة بين فئة قليلة، ليس لها لون موحد ولا عرق ولا جهة.. جميعهم اتفقوا على الاستئثار بكل شيء في هذا المنكب البرزخي، الشيء الذي أدى إلى توسيع رقعة الفجوة وأدى إلى عزوف المواطن عن الاهتمام بالخطابات الرسمية وبقرارات السلطة، لانعدام ثقتهم فيما تنقله وسائل الإعلام العمومية وما تدبجه من تمجيد للحاكم ووزرائه وسياساته، فأصبح كل طرف في واد والآخر في واد، فتحول اهتمام الشعب إلى أشياء أخرى، ليس من بينها قطعا ما يصدر عن السلطة وما يقوله المسؤولون.
غالبية "النخبة" أصبحت لا تتعرف على وجوه الوزراء ولا على أسمائهم، فضلا عن قطاعاتهم أو جهاتهم.. بفعل خصخصة المرفق العمومي.. فقد صار مألوفا أن يكون ابن الضابط ضابطا وابن المفوض مفوضا وابن الوزير وزيرا وابن المدير مديرا..إلخ الجعجعة المعروفة.
إنه واقع مر، غاية في السوء والخطورة، فتحت خطابات الرئيس في الحوض الشرقي شهية المواطنين لمحاربته، فراهنوا على خطاب عيد الإستقلال، حيث توقع البعض أنه سيشكل الترجمة الحقيقية لهذا "التوجه الجديد"، فذهبت التحليلات بكل اتجاه وصار البعض ينظر إلى الرئيس، بوصفه ثائرا أيقظ الفساد ومظاهر ما قبل الدولة ضميره، فأعلن الثورة الشاملة على كافة الاختلالات التي سببتها هذه الممارسات وتلك السياسات.. لكن المفاجأة، هي: أن الخطاب بقي محشورا في زاوية تمجيد الواقع وإنجازاته المكررة، بما في ذلك زيادة مبلغ زهيد لا يسد نقصا ولا يحسن دخلا لجنود التعليم المجهولين، الذين وضعتهم أنبل مهنة في "بلادنا" في أحط سلم اجتماعي، فصار الهروب من جحيم العمل سمة لهم، تارة بفعل الحالة النفسية وتارة أخرى لعلاج أمراض نتجت عن بئة العمل والإعاشة، أو بحثا عن مورد ءاخر يحسن به دخله المتردي، كي يتمكن من إعالة أسرته المدقعة.
لذا بقي الإصلاح مؤجلا في اتنظار مصلحين حقيقيين، مؤمنين بالإصلاح والتطوير والبناء، رغم نفاذ صبر الشعب اليوم، وتنامي هاجس المخاوف من التهديدات الوجودية.

محمد المختار ولد محمد فال- كاتب صحفي