الأحد
2024/05/19
آخر تحديث
الأحد 19 مايو 2024

حصيلة عشرية حكم ولد عبد العزيز: منشئات للدولة تم بيعها لمقربين ونافذين ومنشئات أخرى تنتظر البيع أبرزها اسنيم والشركة الموريتانية للغاز وجزء من أرض التلفزة الوطنية(تحقيق)

25 أبريل 2019 الساعة 22 و47 دقيقة
حصيلة عشرية حكم ولد عبد العزيز: منشئات للدولة تم بيعها (…)
طباعة

يجري الحديث في موريتانيا هذه الأيام عن عزم السلطات بيع الشركة اسنيم والشركة الموريتانية للغاز، ويأتي بيع هاتين المنشأتين ضمن سلسلة بيع منشئات الدولة في حكم ولد عبد العزيز والذي يبدو أنه لن ينتهي إلا في اليوم الأخير من هذا الحكم، وقد بدأ مسلسل بيع منشئات الدولة في نواكشوط ببيع المدارس التعليمية مرورا ببيع جانب من مدرسة الشرطة وبيع جانب من الملعب الأولومبي، وكذلك بيع ميناء الصداقة ومطار انواكشوط الدولي أم التونسي، ومن ضمن المسلسل أيضا بيع جانب من التلفزة الوطنية، ومازالت حلقات هذا المسلسل متواصلة وسنشهد في الأيام القادمة حلقات منه بعنوان بيع اسنيم والشركة الموريتانية للغاز، فإلى متى سيستمر هذا المسلسل؟ وما هي مؤسسات الدولة المتبقية التي ستباع أو يباع جزء أو جانب منها؟ ومن هي الجهات التي بيعت لها هذه المؤسسات التي بيعت؟ ومن سيشتري المؤسسات التي يجري الحديث أنها ستباع في الأيام القادمة مثل اسنيم والشركة الموريتانية للغاز وجانب التلفزة؟ ومن سيشتري مؤسسات الدولة الأخرى التي من المفترض أن تطالها عملية البيع أو تطال جزءا منها؟
وتنتقد أحزاب المعارضة هذه القرارات بشدة لعدم وجود مردوديتها لهذه الشعب الذي يعيش في حالة مزرية رغم موارد دولته وغنها.
وكان موقع العلم قد نشر قبل أيام خبرا نقله من مصادر مطلعة أن ترتيبات لبيع شركة اسنيم مثل صفقة المطار يتم التحضير لها.
وأضافت المصادر أن ذلك سيتم ببيع مناطق المعدن لشركة خصوصية والتعاقد مع اسنيم كشركة خدمات تؤجر معداتها ومقراتها وسكتها الحديدية ومينائها للشركة الجديدة.
وتساءلت نفس المصادر عن علاقة ذلك بزيارة الرئيس ولد عبد العزيز قبل يومين للكويت كثاني أكبر مساهم في الشركة.
ويجري الحديث هذه الأيام عن بيع الشركة الموريتانية للغاز التي أكدت مصادر رسمية أن الحكومة بصدد تصفية الشركة الموريتانية للغاز "سوما غاز"، ودمجها في الشركة الموريتانية للمحروقات والأملاك المعدنية، وبيع نسبة 48% من رأس مال الشركة الجديدة للإمارات العربية المتحدة.
وقالت مصادر إن المدير العام للشركة الموريتانية للمحروقات والأملاك المعدنية محمد ولد مولاي اعل ولد الداف التقى الرئيس محمد ولد عبد العزيز ، متوقعة أن يكون الرئيس أطلعه على القرار الذي تعمل عليه جهات في الوزارة منذ فترة.
وجاء بيع نسبة من الشركة للإماراتيين، بعد منحهم تسير مطار نواكشوط الدولي لمدة 25 سنة عبر شركة أسموها "آفرو ابور"، وتتبع لشركة مطارات أبو ظبي، إضافة لتأسيس رجال أعمال إماراتيين لشركات تجارية حصلت على مساحات زراعية واسعة في المناطق الزراعية جنوبي البلاد.
وأشارت المصادر التي تحدثت إلى أن إجراءات دمج شركتي سوما غاز، والشركة الموريتانية للمحروقات ستبدأ مرحلة التنفيذ قريبا على مستوى وزارة النفط والطاقة والمعادن، كما سيتم فصل الأملاك المعدنية عن الشركة الجديدة.
ردة فعل المعارضة
ومنذ سنوات تنزعج المعرضة الموريتانية ومنظمات المجتمع المدني من بيع الحكم الحالي لمنشئات الدولة.
الأمين التنفيذي للمنتدى محمد ولد لخليل أكد في وقت سابق أن المعارضة منزعجة من تلاعب الرئيس بالقطع الأرضية بنواكشوط خلال الفترة الأخيرة، وحذروا من شرائها باعتبار الشخص القائم على البلد يتصرف خارج الأصول المتعارف عليها.
وقال المعارضة فى بيانها لها إن الرئيس وبعد أن نهب وبكل وقاحة ثروات الوطن المعدنية والسمكية، وبعد أن قام بشفط الموارد المالية للبلد من خلال منح صفقات التراضي دون حساب، وتزوير المناقصات. ها هو ولد عبد العزيز وحاشيته المقربين، يبتدعون طرقا جديدة غير مسبوقة في عالم الجشع وعدم الحياء، من خلال تنظيم عملية نهب واسعة لعمارات وأراضي الدولة في مختلف أنحاء الوطن.
واستعرضت المعارضة سلسلة من القطع الأرضية تم التلاعب بها أو بيعها خلال حكم الرئيس المستمر منذ 10 سنين. أرض العمارات المسماة "بلوكات"و جزء من مساحة الملعب الأولومبي في نواكشوط وجزء من مساحة مدرسة الشرطة في نواكشوط وفندق "مركير" ( مرحبا سابقا) في نواكشوط، إضافة إلى الساحة العمومية المجاورة له مساحة ثكنة الموسيقى العسكرية سابقا في نواكشوط جزء من أرض مدرسة تفرغ زينه الواقعة قبالة فندق ّاطفيلة"جزء من ثانوية تفرغ زينة المجاورة لها- نواكشوط.
جزء من "ساحة اللنكات"، التي يقطنها الصينيون في عرفات، والمحاذية لمقر المدرعات سابقا جزء من مقر "صونادير" في روصو
والإستحواذ على آلاف الهكتارات في شمامة، وخاصة في لبراكنة(دار البركة) واترارزة، لصالح مقربين من النظام أو شركات أجنبية.
وتنتقد أحزاب المعارضة هذه القرارات بشدة لعدم وجود مردوديتها لهذه الشعب الذي يعيش في حالة مزرية رغم موارد دولته وغنها.
بداية عملية بيع منشئات الدولة
وقد بدأت قرارات البيع أكتوبر2015 وقال بيان للحكومة الموريتانية إن "سحب المدارس التي أعلن عن بيعها من الخريطة المدرسية يأتي في إطار الحرص على جعل التلاميذ في وسط ملائم للدراسة والسعي إلى تجنيبهم التعرض إلى المخاطر الناتجة عن القرب من الطرق المزدحمة والأسواق والحشود الغفيرة".
وبلغت القيمة الإجمالية لصفقة بيع المدرس 2.656.500.000 أوقية، وذلك مقابل 11 قطعة أرضية، 5 منها في المدرسة رقم: 2، وهي المعروفة بمدرسة السوق، أو "محلق كلية الآداب"، و6 منها في المدرسة رقم: 1 وهي المعروفة بمدرسة العدالة قرب مجمع العيادة المجمعة "اكلينك" فيما تم أيضا بيع القطع الأرضية 3 الموجودة في المدرسة رقم: 6 والمعروفة بمدرسة "سوق السمك" في "مدينة 3"
عملية الشراء اقتسمت شخصيتان غير مشهورتان في مجال الأعمال أهم القطع الأرضية في المدرستين رقم: 1 و 2 حيث اشترت سيدة 4 قطع أرضية بمبلغ قارب المليار أوقية، فيما اشترى رجل الأعمال الناشئ 4 قطع أخرى بملغ قريب من المليار، وتوزعت مؤسسة تجارية، ورجلا أعمال القطع الثلاثة المتبقية.
ويرى منتقدو القرار الحكومي أن عملية البيع تأتي في إطار الفساد المستشري في البلاد وتحويل جميع مصادر الدخل القومي إلى مصادر ثراء فاحش لحاشية النظام، ويستغرب آخرون الموضوع معتبرين أن "بيع القطع الأرضية قد تزامن مع العام الذي اختارته الحكومة ليكون عامًا للتعليم" ويرون ذلك دليلاً على عدم جديتها في تحسين وضعية التعليم بل العكس بدأت في تقليص عدد المدارس، مما يفاقم أزمة التعليم، ويدفع آباء التلاميذ إلى تسجيل أبنائهم في مدارس أخرى غالبًا ما تكون خاصة.، وتبقى الحلقة الأضعف وهي التلاميذ، ربما، المتضرر الأكبر من خلال تغييرها واضطرار بعضهم إلى التوجه للتعليم الخاص.
وقد شهد بيع تلك المدارس مفاجئات في صفقة بيعها حيث الشراء من طرف بنه بنت عبد الله، ومحمد يحظيه ولد اليدالي لهذه المدرسية، تقاسما بينهما أكثر ثلثي المساحات، ودفع كل منها قرابة مليار أوقية، كما أن القطع التي عادت لهما لم تتم المزايدة عليها، حيث دفع كل منهما المبلغ الذي بيعت له به.
وكانت مفاجأة اللجنة هي عدم شهرتما في مجال المال والأعمال، واستغراب بعض أعضائها من قدرة شخصيات غير معروفة على دفع مبلغ مليار أوقية دفعة واحدة، وفي قطع أرضية ثار الكثير من الجدل حول جدوائيتها الاقتصادية.
وكان لافتا أثناء الصفقة التي جرت يوم الخميس 01 أكتوبر 2015 في قاعة الاجتماعات بفندق موري سانتر رفض بنه بنت عبد الله حضور جلسة المزاد في القاعة، وتعاطيها مع اللجنة عبر رسائل متكوبة، وقد أثر الأمر اعتراض بعد المشترين، لكن اللجنة رفضت اعتراضه، مشيرة إلى أن السيدة رفضت الدخول على القاعة التي يجريها فيها البيع، لأنها لا "يمكن أن تدخل قاعة يوجد فيها رجال فقط.
بنت عبد الله وهي زوجة رجل الأعمال زين العابدين ولد محمد محمود مالك شركة "CDI" اشترت قطعتين أرضيتين في المدرسة رقم: 1 والمعروفة بمدرسة العدالة، وقطعتين أرضيتين في المدرسة رقم: 2 والمعروفة بمدرسة السوق.
وحملت قطعها في المدرسة رقم: 1 الرقمين: 6 و9، أما قطعتيها الأرضيتين في المدرسة رقم: 2 فحملت الرقمين: 3 و5.
رجال الأعمال ولد اليدالي ومالك "مجمع شنقيط بندا" في تفرغ زينة اشترى – هو الآخر – أربع قطعة أرضية، كانت كلها في المدرسة رقم: 1، والمعروفة بمدرسة العدالة، وحملت قطعه الأرضية الأرقام: 7 و 8 و 10 و 11.
وقد أثار شراء ولد يحظيه لأربع قطع أرضية وبمبلغ يقارب مليار أوقية استغراب العديد من المشاركين في المزاد، وكذا الفاعلين الاقتصاديين، ومتسائلين عن سر قدرته على توفير هذا المبلغ الضخم، وتجميده في قطع أرضية، تحتاج مبالغ ضخة أخرى لجعلها ذات مردودية اقتصادية.
ثالث المشترين لأراضي المدارس التي بيعت في انواكشوط كان رجل الأعمال ولد اعميرة، والتي اشترى قطعتين أرضيتين في المدرسة رقم: 1، وبمبلغ تجاوز نصف مليار أوقية.
وكان صفقة شراء هذه القطع الأرضية أول صفقة من هذه الحجم تعلن عنها هذه المؤسسة، كما تحدث بعض أعضاء لجنة البيع أنها المرة الأولى التي يسمعون اسمها.
وكانت القطعة المتبقية، وهي التي تحمل الرقم: 1 في مدرسة السوق من نصيب رجل الأعمال سيدي ولد اعل الكوري، وقد اشتراها بالمبلغ الأصلي المعلن في المزاد، وذلك في غياب أي مزايدة عليها، حيث بقيت هذه القطع إلى جانب القطع الثلاث الموجودة في المدرسة رقم: 6، أو مدرسة سوق السمك.
ومضى بعد المهتمين بشأن المال والأعمال إلى الحديث عن تقدم هذه الشخصيات كوكلاء عن أشخاص آخرين، كان شراؤهم لها سيثير الكثير من التساؤلات عن الدافع الحقيقي لبيع هذه المدارس، وعن حقيقة شفافية الصفقة، ووضوح إجراءاتها حسب ما أكدت اللجنة المشرفة على الصفقة في بيان صادر عنها.
أحد المشاركين في المزاد قال لصحيفة الأخبار إنفو إن شراء 4 قطع أرضية بمبلغ قريب من مليار أوقية، يدفع للتساؤل عن حقيقة المشتري، معتبرا أن الشخصيات التي بإمكانها إجراء صفقة كهذه في مثل الظروف التي تمر بها معدودون.
وأضاف إلى أنه من البديهي لدى المستثمرين أن شراء قطع أرضية يعتبر بداية لا نهاية، ومن دفع مليار أوقية لمجرد الحصول عليها، سيحتاج لعدة مليارات لبدء الاستثمار فيها، ولاستعادة بعض الأموال التي استثمرها فيها، معتبرا أن خيارات الجهة التي تقف وراء هذه الصفقة تكاد تكون محصورة في شخصيات قليلة، لا تتجاوز اليد الواحدة، وهي معروفة الجميع.
ينضاف إلى هذه الصفقات صفقة ميناء انواكشوط المستقيل الذي سلمته الحكومة الموريتانية بموجبها لشركة هندية ستتولى تشييد توسعته، وقد منحتها الحكومة الموريتانية بموجب اتفاقية تسمح للشركة حق تسيير التوسعة لثلاثين عاماً.
الصفقة التي لم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي من طرف الحكومة، رغم التوقيع عليها من طرف سبعة وزراء، أثارت الكثير من الانتقادات خاصة وأنها تمس واحدة من أهم المؤسسات الحيوية في البلاد: ميناء نواكشوط المستقل.
أمام هذا الجدل خرج المختار ولد اجاي، وزير الاقتصاد والمالية، عن صمته وهو الذي وقع على الاتفاقية المذكورة وكان شاهداً على مختلف تفاصيلها، لقد فضّل الوزير أن يدلي برأيه عن طريق « فيس بوك » فكتب توضيحاً نافياً جميع المعلومات المتداولة في الموضوع.
الجديد فيما كتبه الوزير هو أنه كشف اسم الشركة الهندية التي ستتولى تشييد توسعة الميناء وتسييره خلال ثلاثة عقود مقبلة، وهي شركة « أولام » الهندية التي يوجد مقرها في سنغافورة، ولكن ما هي أبرز المعلومات التي يجب أن يعرفها الموريتانيون بخصوص هذه الشركة
وما تقوم عليه صفقة جديدة ستشيد بموجبها هذه المشاركة توسعة ميناء نواكشوط المستقل، صفقة ما تزال أغلب تفاصيلها مجهولة.
لا يعرف أي نشاط زراعي أو صناعي لشركة « أولام » في موريتانيا، وهي التي لا تعتمد في نشاطها على تسيير الموانئ أو تشييدها، ما يثير الكثير من الأسئلة حول الصفقة.
وهذا ما ينتقده المتابعون للشأن العام لأن هذه المنشأة من أهم المنشآت الموريتانية التي يجب على الحكومة المحافظة عليه وترميمها وتسييرها.
ضف إلى هذا عملية تنازل الحكومة الموريتانية عن تسيير مطار أم التونسي في العاصمة نواكشوط -وهو المطار الدولي في البلاد- لصالح شركة إماراتية تابعة لإمارة أبو ظبي، لم يطل الانتظار كثيرا فقد أكدت الحكومة رسميا تنازلها عن المطار ضمن صفقة ما زال الكثير من تفاصيلها محل أخذ ورد وغموض وتكتم.
وبموجب الصفقة الجديدة التي أثارت ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي ستتولى شركة "آفرو بورت" (AFROPORT) تسيير مطار نواكشوط لـ25 سنة مقبلة.
استطاع الطرفان الموريتاني والإماراتي على الصفقة المثيرة للجدل.
وجاء الكشف عن هذه الصفقة في تقريرا مفصل تضمن مسارها وتفاصيلها والامتيازات التي حصلت عليها الشركة الإماراتية مقابل الصفقة، وتأثيراتها السلبية على الشركة الموريتانية التي كانت تتولى تسيير المطار، وآثارها السلبية على شركة "الموريتانية للطيران".
وأعادت هده الصفقة أسئلة عن العلاقة بين النظامين الموريتاني والإماراتي وحجم نفود أبو ظبي في موريتانيا، إضافة إلى المعايير الاقتصادية والسياسية التي بموجبها تنازلت نواكشوط عن تسيير أهم مطاراتها لصالح الشركة الإماراتية التابعة لإمارة أبو ظبي.
تنص الصفقة على أن تتولى الشركة الإماراتية التسيير الكامل للمطار الموريتاني لمدة 25 سنة مع ما يترتب على ذلك من مكاسب وامتيازات، كما تبعد شركة مطارات موريتانيا عن تسيير المطار، وتلغي الامتيازات المالية الضخمة التي كانت تستفيدها شركة "الموريتانية للطيران" من خدمات "الهاندلينغ".
وعزت الحكومة الموريتانية هذا القرار إلى ترشيد النفقات والبحث عن موارد جديدة وتطوير بنية المطار وقدرته من خلال تحويله من عبء على الميزانية الموريتانية إلى مورد اقتصادي يدر عائدات مالية على البلد.
وقال وزير الاقتصاد والمالية المختار ولد أجاي في مؤتمر صحفي برفقة وزيرة النقل آمال بنت مولود إن الشركة التي تسلمت مطار نواكشوط الدولي تملك الدولة الموريتانية نسبة 5%من أسهمها، وستحصل على نفس النسبة من أرباحها.
وذكر الوزير أن الاتفاقية بين الحكومة والمستثمر هي "اتفاقية استثمار أجنبي مباشر"، مشيرا إلى أن الاتفاقية تمنح أيضا للدولة الموريتانية "ملكية كافة المنشآت التي ستقوم بها مستقبلا".
غير أن الوزير لم يوضح حجم الاستثمار الذي ستقوم به الشركة في موريتانيا ولا رأس مالها، واكتفى بالقول "سيكون لهذه الشركة نظام ضريبي خاص سيقدم لمجلس الوزراء وللبرلمان للمصادقة عليه تدفع بموجبه 5% من رقم أعمالها سواء سجلت أرباحا أو خسائر".
وتضمن تلك الفوائد أيضا إقامة منشآت سياحية وفنادق قرب المطار وتوفير عمالة وخدمات نوعية جاذبة، والعمل على أن ينافس المطار نظراءه في المنطقة نظرا للموقع الإستراتيجي للعاصمة نواكشوط.
ولايبعد تسيير المطار عن إنشائه أيضا، وقد كان ضمن صفقة تجارية تنازلت بموجبها الحكومة الموريتانية عن أرض المطار القديم لصالح شركة خاصة حديثة النشأة مقابل بناء مطار جديد.
وبينما ترى الحكومة أن هذا النمط من الصفقات يخفف عليها أعباء الإنشاءات ويعود على الدولة بنفع اقتصادي وإعماري مهم يرى معارضون ونشطاء أنه أحد أبرز جوانب الفساد في ظل النظام الحالي.
وتعمل الشركة الإماراتية في مطار أم التونسي من ثلاثة ولم تحدث أي تغير حتى أنه لا يوجد في أنحاء منطقو المطار إلا حانوت واحد في قاعة الانتظار يبيع بأسعار غالية أحينا تصل مثلي أسعار المواد في سوق العاصمة.
وفي تعليق له على هذه المبيعات كتب محمد الأمين ولد الفاضل مقالا بعنوان:
جمهورية "وانطير" لبيع المدارس والسفارات!
نشر هذا المقال بتاريخ السبت 3 كانون الأول (ديسمبر)
إذا ظلت الأمور تدار في بلادنا بهذا الأسلوب التجاري الجشع، فلا تستغربوا غدا أن تلتقوا بالسيد وزير الاقتصاد والمالية وهو يتجول في الأسواق، ويحمل على ظهره مكبر صوت، ويهتف بأعلى صوته : لدينا مدارس وسفارات ووزارات للبيع ..عروضنا مغرية، فلا تفتكم الفرصة!
شيء كهذا قد يحصل، ولا تستغربوه إن حصل، خاصة وبعد أن اجتمع في هذه البلاد رجلان هما من أكثر خلق الله إبداعا في التحصيل، وأقصد هنا فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومعالي الوزير المختار ولد أنجاي.

وربما تكون "الحاسية التجارية" القوية لدى الرئيس محمد ولد عبد العزيز هي التي جعلته يكتشف ـ وبشكل مبكر ـ القدرات والإمكانيات الهائلة التي يتمتع بها السيد المختار ولد أنجاي في مجال التحصيل، وقديما قالت العرب بأن الطيور على أشكالها تقع.

لقد اكتشف الرئيس ببصيرته التحصيلية وبحاسته التجارية المواهب والقدرات التي يتمتع بها السيد المختار انجاي في التحصيل، ولذلك فقد سارع إلى تعيينه مديرا للضرائب، ولقد استطاع هذا الشاب الموهوب في فنون التحصيل خلال توليه لإدارة الضرائب أن يجمع من الأموال ما لم يكن يخطر ببال الرئيس، ولا يهم هنا أن تذكروننا بالمقولة التي تقول بأن المزيد من الضريبة يؤدي إلى موت الضريبة، فالمهم في جمهورية "وانطير" هو أن تجمع الأموال الطائلة، وليمت القطاع الخاص من بعد ذلك أو ليحيا، فحياته أو موته ليست بالأمر المهم عند قادة جمهورية "وانطير". وبعد أن جمع مدير الضرائب ما جمع من الأموال كافأه الرئيس على ذلك وجمع له بين الوزارتين، وذلك بعد أن قضى وطرا ومن وزارة المالية. وكافأه أيضا بأن وشحه في الذكرى الخامسة والخمسين للاستقلال الوطني، وكان بذلك هو أول وزير يتم توشيحه في العهد الحالي أثناء تأديته لمهامه الوزارية، وسيذكر التاريخ أيضا لهذا الوزير بأنه كان هو أول وزير مالية يضيف لقاموس بيانات مجلس الوزراء جملة جديدة لم تكن معروفة من قبله، وهي الجملة التي تقول : " وقدم وزير المالية بيانا حول البيع بالمزاد العلني لمساحات كانت تأوي مدارس مسحوبة من الخريطة المدرسية"، فهذه الجملة ربما تنافس مستقبلا الجملتين المعهودتين في بيانات مجلس الوزراء : "وقدم وزير الداخلية واللامركزية بيانا عن الحالة في الداخل،.وقدم وزير الشؤون الخارجية والتعاون بيانا عن الوضع الدولي".

لقد تحولت كل الأملاك العامة في جمهورية "وانطير" إلى سلع معروضة للبيع، فبيعت المدارس، وبيعت "بلوكات"، وبيع جزء من الملعب الأولمبي، وبيع جزء من مدرسة الشرطة، وبيع فندق "مركير" (مرحبا سابقا)، وبيعت الساحة المجاورة لهذا الفندق، وبيع مبنى ثكنة الموسيقى العسكرية، وبيع جزء من "ساحة اللنكات" في مقاطعة عرفات، وبيعت عقارات وأملاك عامة في نواذيبو وروصو وفي مدن أخرى.

تباعُ المدارس في قلب العاصمة نواكشوط وذلك بحجة أنها لم تعد صالحة للدراسة، ولكن يبقى السؤال، حتى وإن صدقنا بأنها لم تعد صالحة للدراسة، ألم يكن الأولى ترميم هذه المدارس؟ ألم يكن من الأفضل إن كانت حقا لا تصلح للدراسة أن يتم تحوليها إلى ساحات عامة في عاصمة تختنق أو يتم تحويلها إلى إدارات عامة، خاصة وأن الكثير من الوزارات والمؤسسات العامة تنفق أمولا طائلة في كل عام على الإيجار من عند خواص؟

إن نفس الحجج الضعيفة التي تم تقديمها لتبرير بيع مدارس في قلب العاصمة، هي نفس الحجج التي تقديمها اليوم لتبرير بيع سكن السفير الموريتاني في وانشطن. فمن المعلوم بأن المدارس القديمة في العاصمة نواكشوط والسفارات في قلب عواصم الدولة الأجنبية تبقى لها قيمتها المعنوية ورمزيتها التي يجب أن لا يفرط فيها، هذا فضلا عن قيمتها الاقتصادية، ولذلك فإن بيعها يعد جريمة نكراء.

إن ما ستنفقه خزينة الدولة في السنوات القادمة على إيجار سكن للسفير الموريتاني في واشنطن كان يكفي جزء قليل منه لترميم سكن السفير الذي يوجد في موقع استراتيجي من قلب العاصمة واشنطن، وإذا كانت الدولة قد أفلست وأصبحت عاجزة عن ترميم سكن السفير فإن الجالية هناك قد أعلنت عن استعدادها للمساهمة في ترميمه، وهناك من الجالية من تقدم بمقترح هام في هذا المجال، حيث طلب من الحكومة بأن تأخذ قرضا من بنك أمريكي لترميم مبنى سكن السفير، على أن تجعل من المبالغ التي كانت ستدفعها مستقبلا لإيجار سكن للسفير، أن تجعل منها أقساطا لتسديد القرض الذي تم تخصيصه لترميم سكن السفير، وبذلك تكون قد حافظت على هذا العقار الثمين الذي يقع في منطقة راقية من قلب العاصمة واشنطن.

كان يمكننا أن نتفهم بيع مدرسة في قلب العاصمة نواكشوط، أو بيع سفارة في قلب عاصمة أجنبية، كان بإمكاننا أن نتفهم ذلك لو أن الدولة أعلنت بلغة فصيحة وصريحة عن إفلاسها، أما أن تتم عمليات البيع في عهد يُقال لنا فيه بالغدو والآصال بأن خزائن البنك المركزي ملآى بالعملات الصعبة، فإن ذلك مما لا يمكن تفهمه.

ولعلكم تذكرون بأن السلطة الحاكمة كانت قد حصلت على موارد غير مسبوقة بفعل ارتفاع سعر الحديد والذهب خلال السنوات الأولى من جمهورية "وانطير" ، ومع ذلك فإن تلك الموارد لم تترك أي أثر إيجابي في الواقع المعيشي للمواطن، والغريب في الأمر أن تلك الإيرادات قد صاحبها ارتفاع كبير في المديونية، وأصبح كاهل كل موريتاني مثقلا بالديون، وصاحب ذلك وهذا مما يزيد الأمور غرابة نهب أموال طائلة من الشعب الموريتاني من خلال الاستمرار في بيع البنزين بأسعار عالية، وذلك على الرغم من تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمة، والغريب أكثر أن كل تلك الأمور صاحبها جشع ضريبي غير مسبوق فأصبح المواطن يدفع المال للدولة في كل حين، يدفعه كضرائب، ويتساوى في ذلك الغني والفقير، ويدفعه عندما يفكر في الحصول على أي وثيقة مدنية، ويدفعه عندما يفكر حتى في التنقيب عن الذهب، ولعلكم تتذكرون الأموال الطائلة التي جمعها الوزير من خلال بيع رخص التنقيب.

هذه الأموال الطائلة التي جمعت على حساب المواطن الموريتاني المغلوب على أمره قد صاحبتها سياسة تقشفية رهيبة، ويكفي أن نعلم بأن وزارة الثقافة قد أصدرت في الأيام الماضية تعميما طالبت فيه بضرورة ترشيد الأوراق، واستخدام وجهي الورقة عند كتابة التقارير الطويلة، أما وزارة التعليم فإنها قد حرمت ـ ولأول مرة ـ المتفوقين في عدد من الشعب من المنحة، كما أن هذه الوزارة قد رفضت اكتتاب العقدويين، وهو ما جعل الكثير من المؤسسات التعليمية تعاني من نقص شديد في المعلمين والأساتذة، وهو نقص يبدو أنه سيستمر على طول العام الدراسي.

إن ما يحدث في جمهورية "وانطير" لا يمكن تفسيره، ولا يخضع لأي منطق، فبأي منطق تباع المدارس والسفارات، وبأي منطق تفرض سياسة تقشفية، وبأي منطق تتضاعف الديون على الدولة، بأي منطق يحدث كل ذلك في سنوات تضاعفت فيها موارد الدولة بسبب ارتفاع الحديد من قبل أن ينخفض سعره من جديد، وتضاعفت فيها الموارد المتحصلة من الضرائب، وتضاعفت فيها الأرباح المتحققة من بيع البنزين بأسعار مرتفعة رغم انخفاضه في الأسواق العالمية؟ فأين ذهبت كل هذه الأموال؟

حفظ الله موريتانيا..