الخميس
2024/05/16
آخر تحديث
الخميس 16 مايو 2024

أنصفوا كبارءكم واقرأوا الميثاق بعيدا عن محاكمة النيات

9 أكتوبر 2023 الساعة 17 و00 دقيقة
أنصفوا كبارءكم واقرأوا الميثاق بعيدا عن محاكمة النيات
طباعة

تثار اليوم مجموعة من الإشكالات حول الميثاق الجمهوري الذي اقترحه حزبان (اتحاد قوى التقدم وتكتل القوى الديمقراطية) أو زعيمان سياسيان. والحقيقة أن الإشكالات مرقت من جوهر الفكرة إلى أصحابها ومن دون أن يشوبها ذلك بضعف ، إلا أننا نسير جريا على مألوف عادتنا دائما في ركوب مركب التخوين أو التحبيط والتخذيل عندما لا نكون "نحن " هم الأهم في الأحداث للحفاظ على النجاح السهل الكبير بالنسبة لبعض السياسيين الذي هو البقاء في "الشاشة " دائما ولو لأجل ذلك فقط. وهنا يصعب نقاش كل تلك الآراء حول الميثاق بالجدية اللازمة، لكنه رغم ذلك ومهما قيل فإن هذين الزعيمين، مثل الزعماء الذين قرأنا عنهم، يتحركون عبر وعيهم واستعدادهم وحبهم للوطن، ويملكون تضحيات جسام من دون مثمون. وهكذا يكون من المستغرب أن يخدع المرء في مكان مألوف له. إنهم محط ثقة وطنية وخارجية كبيرة لا تقاس بتصويت الغوغاء وحده وليس ذلك- ويا للعجب - هو الشرعية الوحيدة لطرح أفكار سليمة مؤسّسَة وجيدة .

في كل مرحلة هناك موضع ألم كبير في البلد يحول دون البدايات الكبرى ،كان جميع محاولات هؤلاء عبر التاريخ السياسي الحديث تسوية الأرض لمثل تلك البدايات ومحاولة طمر النهايات المؤلمة التي تخلف في العادة حفرا ضخمة في النفس وفي المسار . وهكذا تتولد كل مرة فكرة عامة لمحو التأزم الذي يولد مع خشونة اللعب وحتى إن كان يسيره رجل "طاعن في السن". إنه ملعب غير ممهد على الإطلاق ويثير السقوط الجماعي على الأرضية ، ومع أن هذا أحد مسالك المجد الوعرة في بلد لا يحب أهله، أو على الأقل غير مولعين بالبدايات الكبرى ويبقون دائما في أحضان الأمور الصغرى على نحو يثير الشفقة، فقد نذرنا أنفسنا للاستسلام منذ ميلاد الدولة وكأننا حجر وضع على هامش الطريق .
ما زالت الدولة تعاني من آلام الهدم وبحاجة أكثر وأكبر لبذر بذور وأسمدة السلم والتوافق . صحيح أن خطوط البناء الكبرى لم تشيد بعد وأن البلد كثيرا ما يحبلُ بمولود للإصلاح الذي يولد في الغالب ميتا أو مشوها أو لا يعيش طويلا، وهذا ما ترك آثارا جانبية ليست مرضية في التفاهم والسلم الاجتماعي وغياب الأسلوب الموحد لإدارة البلد ، وفي التنبؤ بالمستقبل على نحو جعل منه الحل الأمثل والمتاح ريثما يتم حسم الرهانات الكبرى في الحافظ على انسجام سياسي وطني، وهكذا يكون الميثاق إحدى أهم صور التجليات المضيئة لفهم الحالة الوطنية الحالية. يقول الشاعر :(ألا إن لم تكن إبل فمعزى).

من صفحة الاعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار