الأربعاء
2024/05/8
آخر تحديث
الأربعاء 8 مايو 2024

ملف: الفساد والتبذير طابع سيرافق ولد عبد العزيز أينما حل وارتحل..

5 يونيو 2019 الساعة 18 و46 دقيقة
ملف: الفساد والتبذير طابع سيرافق ولد عبد العزيز أينما حل (…)
طباعة

دأبت سياسية ولد عبد العزيز خلال العشرية الأخيرة على سياسة ربحية تقوم على انتهاز الفرص لتبذير المال العام مقابل عناوين جوفاء يتم تداولها في الإعلام العمومي.
وقد مثلت أسفار ولد عبد العزيز الشجرة التي تحجب الغابة، فكانت محطة كبرى للتبذير والسخاء على الفساد لوجود مخرج يغطي ما ينفقه الرئيس والمقربين منه دون أي رقابة.

وقد أنهكت سياسة ولد عبد العزيز ركن المؤسسات العمومية وحطمت كل الأرقام القياسية في الفساد والرشوة والمحسوبية واستخدام الطرق الملتوية لأبسط الأمور، حتى أصبحت فترة حكمه من أقسى الفترات من بين الأنظمة العسكرية التي حكمت موريتاينا، حتى أن الحديث عن تغيير الحكم بات حديث الساعة في مختلف الأوساط المحلية، فما إن تهب رياح استحقاقات رئاسية في موريتانيا حتى يشرأب الموريتاني لحلم جديد، ينهي كابوسه مع القيادة العسكرية التي ظلت تمسك رقبة السلطة بقوة، فخلال التاريخ السياسي لموريتانيا لم يقم نظام سياسي، إلا وانتهى بالانقلاب ينتزع السلطة من صاحبها وهكذا، دواليك، و كثيرا ما حلم المواطن الموريتاني بحكم مدني يبعد العسكر عن الواجهة لكن العسكري وينهي يعود في الأخير من نافذة أخرى ليعيد الأمر إلى نصابها عن طريق انقلاب أو انتخابات غير شفافة.

رأي المواطن في تحكم العسكر
ونحن نقف على مشارف استحقاقات رئاسية، ينظر المواطن الموريتاني إليها وكأنها قد حسمت قبل أن تبدأ حيث أن الدولة والرئيس المنتهية صلاحياته، يقفان إلى جانب مرشح واحد، بينما تنشد أغلبية من الموطنين من خلال هذه الاستحقاقات تغييرا مدنيا، رغم أن المعارضة الموريتانية وفق بعض المراقبين، يندر أن تتفق وتقف إلى صف واحد، إلا أن التذمر من الشعرية الأخيرة وما رافقها من فساد هو عنوان يتردد على ألسنة أغلب المشاركين في الانتخابات الحالية.
فقد أصبح المواطن الموريتاني أكثر وعيا من قبل، وأصبح على اطلاع بمسؤوليته ولديه حق وحلم يسعى خلفهما في كل خطواته السياسية، إلى جانب سيطرة النظرة المادية التي يتعامل وفقها رجال السياسة في الميدان مع المنتخبين.
ويرجع بعض المراقبين للشأن السياسي في موريتانيا، تغير الحكم في البلاد إلى سيطرة القبيلة في موريتانيا على مفاصل الدولة والحكم وحتى المعارضة، وإن كان ذلك بصورة غير علنية، فلها أن تعين وأن تقيل من تريد، حتى إن اسم القبيلة الذي تنتمي إليه له أن يعوض الدراسة في كبرى الجامعات العالمية، فالقبيلة تغلب الكفاءة، حيث يحظى شيوخ القبائل بمكانة مميزة لدى الحكام والمسؤولين ، وتجري استشارتهم بشكل مباشر وغير مباشر في تسيير الشؤون المحلية والوطنية، وتعيين كبار المسؤولين واختيار زعماء الأحزاب والمنظمات المدنية.
وقد امتاز حكم العسر في موريتانيا بالاستبداد والقمع وإظهار النظام وكأنه يسر دائما في الاتجاه الصحيح وأن كل توجهاته مصيبة، ويعرض كل من يخالفه الرأي ممن يملك تأثيرا في الوسط الاجتماعي، إلى السجن والمساءلة.
ويرى موريتانيون من مختلف الجهات في العاصمة نواكشوط وفق استطلاع رأي مقتضب قمنا به مؤخرا في موقع "العلم" أن المؤسسة العسكرية في موريتانيا ضاربة الجذور، ولن تقبل أن تخرج السلطة من يدها، وهي قناعة تقاسمها فيها معظم المؤسسات العسكرية في الوطن العربي، وهو ما انعكس على تنمية البلاد، فمنذ حصول موريتانيا على استقلالها عن الاحتلال الفرنسي 1960 والبلاد لم تشهد استقرارا سياسيا يفضي إلى تنمية تشعر بها الطبقات الفقيرة، ويجمع المواطنين كذلك في مختلف مقاطعات الوطن على نقمتهم من حكم العسكر ونعته بأنه دمر الدولة وأنهك مؤسساتها، وأحالها إلى التأخر وتذيل قوائم الدول.
ورغم تباين وجهات النظر حول الأنظمة السياسية الموريتانية السابقة، إلا أن الأغلبية كانت تنادي ضد العسكر، وتكاد الآراء الآن وبعد عشرية ولد عبد العزيز التي آلت للأفولـ تجمع على سوء المرحلة العسكرية، ووصفها بأسود حقب تاريخ البلد، يقول أحد المواطنين: لقد عايشت مختلف الحقب السياسية في موريتانيا إلا أن العشرية الأخيرة كانت صعبة وقاسية بكل المقاييس..
وكتب أحد الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي إن ما تحتاجه موريتانيا تحتاج تفرض أن تكون انتخابات 2019 قطيعة مع نظام الفساد والاستبداد في عشريته السوداء.

وقفة عند تمويلات الانتخابات الموريتانية
وتطرح مسألة تمويل الحملات جملة من التساؤلات الجوهرية، حيث كانت موريتانيا من وجهة نظر منصفة في غنى عن التعديلات الدستورية التي أجرتها في الشهر الثامن من سنة 2018، والتي كلفت خزينة الدولة ما يزيد على 6 مليارات أوقية، واتضح الأمر اليوم وهي تمد يديها طمعا في وجود مسعف يمنحها تمويلا للانتخابات الرئاسية التي باتت على الأبواب تم تحديد تاريخها بالماضي.
والدليل على ذلك أن السلطات الموريتانية وخصوصا ولد عبد العزيز يبادر الآن في تحصيل الوسطات لأجل الحصول تمويل من طرف المنظمات الدولية في حين الدولة الموريتانية تنفق المليارات على زياراته، هو نفسه وزيارات مرشحه ولد الغزواني، الذي زار حتى الآن جميع مقاطعات موريتانيا، وسيبدأ حملته الانتخابية بعد يومين، وتحتاج هي الأخرى لتمويل واسع وكبير.
ومن جهته اعتبر المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض في موريتانيا أن الزيارات التي يقوم بها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لعدد من ولايات الداخل زيارات عبثية وكلفت الخزينة العامة أموالا طائلة.

وفي ذات السياق وخلال بحث أجراه موقع "تقدمي" يقول فيه : لقد ظل أحد المآخذ التي روج لها عزيز حين وصوله السلطة المأخذ المتعلق بالأسفار الكثيرة إلى الخارج، إلا أننا حين نلقي نظرة على أسفار عزيز منذ وصوله إلى السلطة فإننا سنصاب بالدهشة من حجم الغلاف المالي وكذلك الوقت الذي استهلكه عزيز في الأسفار خلال عقد من الزمن حكم فيها البلاد، لقد قيم بهذه الدراسة اعتمادا على المعلومات المنشورة في الوكالة الموريتانية للأنباء، وتم معالجة على مدى طويل حيث غطت هذه الدراسة الفترة الزمنية بين 26 أكتوبر 2009 إلى 24 إبريل 2019، وبحساب متوسط سعر وقود الكيروزين أي 25 يورو لكل 1,28 لتر فإننا سنحصل على 15.075.641 يورو وهو ما يعادل 6.256.390.686 أوقية قديمة، هذا بعض النظر عن ثمن الطائرة والإنفاق على الرحلة والوفود والصيانة والفنادق والرسوم في المطارات.. إلخ أما حجم ثاني أكسيد الكربون في هذه الرحلات فيقدر ب 436 طنا خلال عشر سنوات من حكم عزير. وهذا تطرح أسئلة كثيرة حول المردودية الاقتصادية الحقيقية لهذه الرحلات والأسفار المكلفة.

ما ينقص موريتانيا ليس القانون وإنما تطبيقه...
وفي الحديث عن تمويل الحملات الانتخابية يبدو الحديث ملحا عن جهات التمويل، حيث تبحث الدولة عن تمويل الحملة الانتخابية لدى عدد من المنظمات الدولية، بينما يحصل مرشح النظام على تمويلات مجهولة المصدر، إلى جانب ما تم جمعه من تمويلات من طرف مقربين من الرجل وبعض رجال أعمال وفق تسريبات منتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، بالصوت.
إلا أن تفعيل القوانين هو ما ينقص الواقع في موريتانيا، حيث كانت وزارة الداخلية الموريتانية قد أصدرت سابقا دليلا يضمن مسؤوليات جميع الأطراف المعنية بالإجراءات الانتخابية يوم الاقتراع ، ويمنع الدليل على غير رئيس المكتب، استعمال الهاتف داخل المكتب وكذلك إدخال نسخ من اللائحة الانتخابية في مكتب التصويت باستثناء تلك التي بيد رئيس المكتب وممثل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات. ويلزم الدليل جميع ممثلي المتنافسين والمراقبين والصحافة وغيرهم من الأشخاص المسموح لهم بدخول مكاتب التصويت، بحمل علامات اعتمادهم، كما يعطى لرئيس المكتب سلطة طرد أي شخص من القاعة يتهمه بمحاولة تعكير النظام او سير عمليات الاقتراع. وتجدر الإشارة إلى أن تفاهما قد حصل بين وزارة الداخلية واللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بشأن شروط طرد رئيس المكتب لممثل هذه الأخيرة.
كما سبق لمجلس الوزراء الموريتاني أن صادق على قانون هو الأول من نوعه ينظم تمويل الحملات الانتخابية، وحدد القانون الجديد القواعد المتعلقة بإجراءات وشروط تمويل الحملات الانتخابية ومصادر الأموال المستخدمة وسقفها ومحاسبتها وإجراءات تفتيشها ونظام العقوبات المطبقة بشأنها. وحصر النص الجديد تمويل الحملات الانتخابية في مساهمات الأشخاص الطبيعيين والمساهمات المالية للحزب الذي ينتمي إليه المرشح والممتلكات الخاصة للمترشحين والمساعدة المالية الاستثنائية للدولة التي تدرج في قانون الميزانية للسنة التي تنظم فيها الانتخابات.
ويخضع القانون الجديد المترشحين لالتزامات الشفافية في تسيير مساعداتهم المالية وممتلكاتهم كما يلزمهم بالكشف عن إيراداتهم ومصروفاتهم الحاصلة خلال الحملة الانتخابية وبإعداد جرد للممتلكات والأصول الثابتة والمتغيرة لإضافة مبررات لمصادر الموارد وأوجه صرفها، كما يحدد القانون عقوبات مالية وجنائية يمكن أن يتعرض لها أي مرشح لا تكون وثائقه المحاسبية مطابقة للقانون.
وخلاصة القول إن المؤسسة العسكرية ظلت في رحلة شد وجذب للسلطة في موريتانيا، ومع اختلاف في مراحلها السياسية، إلا أن عشرية ولد عبد العزيز كانت من أحلك الفترات، فيكاد الراي العام اليوم يجمع على فساجه وفساد المقربين منه، وحتى من داخل نظامه وبعض المقربين منه، يشهدون على ضرورة انتهاء حكمه، لما شهدته موريتانيا من تدهور وتذمر وانتكاسة سياسية واقتصادية واجتماعية خلال مأموريتيه، رغم أنه لا يريد أن يرحل دون أن يترك وريثا هو بمثابة الظل اللعبة في يده يوجهه أينما شاء، وحتى وهو يختم فترة حكمه فإنه يجد في خلق موجة من الفساد والتبذير لم يسبقه إليه أحد، فرحلاته وجولاته وانتهازيته وسياسة البيع التي ارتبطت باسمه، كلها محطات مظلمة طبعت سيرة ولد عبد العزيز وسترافقه أينما حل وارتحل، وفق لسان الشارع الموريتاني.