الشعب الأمريكي يفاجئنا كل مرة بسوء الاختيار

إن الشعب الأمريكي يفاجئنا كل مرة بسوء الاختيار..
صحيح أن الآلية الانتخابية هي من تأتي بهذا النوع من الناس وذلك لأن الإعلام هو من يتحكم في صناعة الرأي العام وتحديد الاتجاهات المهمة للدولة التي يتعين اتخاذ موقف اتجاهها إنها تسوق المواطنين نحو خيارات محدودة بسبب تأثيرها وتأثير المال الذي يقف وراءها ولوبيات الضغط وصناعة الزعماء .
قيم الديمقراطية والقيم الإنسانية ليست لها أي دور في الانتخابات الآمريكية لذلك تم اختيار هذا الرجل الأهوج الذي يعرف الجميع أنه بلا مبادئ وبلا قيم ولا ينتمي لأي مدرسة أخلاقية .إنه يرمز لثقافة "الكوبي " يتصرف دون أي حس أخلاقي ودون أي تقيد بأي منطق ولا عقل وبكل عجرفة .إنه فعلا يستخدم قوة الولايات المتحدة كجرافة فهو لا يرى فيها سوى قوة طاحنة يمكن بواسطتها فعل كل شيء حرام ولا إنساني ،لقد استقبل اترامب مجرم حرب مطلوب للمحكمة الدولية وأعطاه فوق ما بتصور ، صك غفران لعملية أبادة جديدة للفلسطينين من أجل إخلاء أرض غزة بترحيل أهلها الذين يقطنونها منذ آلاف السنين وتوطين مجموعات أخرى قادمة من أوروبا وآمريكا وإفريقيا في محلهم . وبدلا من أن يخجل من استقبال هذا الشخص الذي انتهى لتوه من قتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين يذهب إلى أبعد من خياله ويعيه الإذن باحتلال غزة .إن هذا هو رئيس الولايات المتحدة المنتخب لمرة ثانية ومع ذلك تصبح هذه التساؤلات مطروحة بقوة وإلحاح أمامه أين حقوق الإنسان أين القانون الدولي أين المجتمع الدولي أين قيم الديمقراطية أين تمثال الحرية ؟! كلها أكاذيب وأباطيل لا أساس لها من الصحة .
هذا الرجل لا يصلح حتى لحراسة ملهى فالأحرى لرئاسة دولة بهذه القوة بل ورئاسة العالم ، إنه يضع العالم أمام خيارات ماحقة كما يشعل الحرائق في كل مكان من العالم .
الوضع الدولي يفور ويغلى بسبب هذا الرجل الذي يحاول تحطيم كل شيء وبناء الإمبراطورية الأمريكية مرة أخرى على حطام الحضارات والتاريخ البشري وكل القيم الروحية والإنسانية وكل القوانين والأعراف الدولية .
إنه يريد تكريس حضارة الحرب والنار والابتزاز والدم إنه يدعم ويغذي الارهاب بشكل مخيف .
لقد جاء استقبال اترامب لمجرم الحرب نتانياهو بشكل متصادم مع صحوة الضمير الإنساني فقد أعلنت سبع دول من دون أي دولة عربية للأسف عن تأسيس قطب دولي مجموعة لاهاي للمطالبة بمعاقبة إسرائيل على جرائم الإبادة في غزة وبدلا من أن تقف الولايات المتحدة المستثمر الأولى في الأمم والمتحدة وفي القانون الدولي (لعلها فقط لأجل إحكام هيمنتها ودعم غطرستها على العالم ) في صف العدالة الدولية والضمير الإنساني فهاهي تذهب إلى أبعد من كل تطرف وعنصرية وظلم وغطرسة على لسان اترامب بدعم ترحيل الفلسطينين إلى مصر والأردن مستخدما لغة المن والتهديد في حق الدولتين .والحقيقة أن الولايات المتحدة كانت هي من موّل الحرب على غزة وكانت هي من ألجم المجمتع الدولي ومارست التهديد ضد كل من يحرك ساكنا ضد جرائم الابادة الموثقة ومع ذلك ظل في العالم من لا يرهبه ذلك فشكرا لجنوب إفريقيا على موقفها الإنساني والتاريخي وحفظها للدروس التاريخية العظيمة وشكرا لدول آمريكا اللاتينية وأخيرا شكرا لمجموعة لاهاي وهكذا بقدر ما نلاحظ الوقاحة نلاحظ أيضا الضمير الإنساني والإرادة الصادقة في نصرة المظلوم ويد الله فوق كل جبار عنيد.
من صفحةً الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار