تائه يبحث؟! :قراءة علمية وروحية في العبقرية الشنقيطية

رحم الله شيخنا العلامة حمدن ولد التاه، وجزى الله خيرًا الدكتور السيد ولد أباه على ما بذله من جهدٍ مشكور في إحياء سيرته؛ عملٌ يُذكر فيُشكر، وإن كان لا يفي العالم الجليل حقَّه. وإسهامًا منّا في هذا المسار، نقدّم بين يدي القارئ هذا العمل الذي جمعنا بالعلامة، تحت عنوان:
«تائه يبحث: مدخل علمي إلى الإيمان».
يسعى هذا الكتاب إلى استكشاف ملامح العبقرية الشنقيطية في ضوء مقاربة علمية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وذلك من خلال مقارنة منهجية بين التعليم المحظري والتعليم النظامي، وتحليل للتحولات الاجتماعية بين الحضر والبادية، بما يبرز خصوصية المجتمع الموريتاني
وقد توزّع البحث على ثلاثة روافد كبرى:
الرافد البيئي: بما يحمله من أثر مباشر في صياغة الذهنية والبنية الاجتماعية.
الرافد اللغوي: باعتباره وعاء الفكر وأداة الحفظ والنقل والإبداع.
الرافد الديني: بما يمثله من عمق روحي ومصدر للقيم والمعرفة.
ولم نقتصر في هذه المحاور على الطرح الوصفي، بل حاولنا الاستناد إلى أدلة علمية ولغوية وفلسفية ودينية، قصد توجيه القارئ نحو فهم أعمق لتلك الظواهر والتحولات.
وقبل الغوص في التفاصيل، لا بد من التنبيه إلى حقيقة كثيرًا ما يغفلها الباحثون عند تناولهم لعبقرية الشناقطة، وهي العنصر الخارجي؛ إذ إن العلوم الظاهرة وحدها لا تكفي لتفسير هذه العبقرية، بل لا بد من استحضار الفيوض الربانية والتأثيرات الممتدة من خارج الزوايا. وهذا ما لم يدركه بعض المفكرين المعاصرين في تحليلاتهم، فجاءت بحوثهم منقوصة.
كما نسلّط الضوء على خصوصية البنية البدوية في المجتمع الموريتاني؛ فهي بداوة عالِمة تختلف عن النموذج الخلدوني التقليدي، إذ شكّلت أساسًا معرفيًا وروحيًا أصيلًا ظلّ يرفد المجتمع بطاقة فكرية وعلمية متميزة.
إن هذا الكتاب ليس إلا محاولة متواضعة لقراءة الذات الموريتانية قراءةً علميةً وروحيةً متكاملة، عساه يسهم في بناء جسر بين ماضينا الزاخر بالمعرفة، وحاضرنا المليء بالتحديات، وأفقنا الإنساني الرحب.
رحلة "تائه يبحث" ليست مجرد سرد تاريخي أو تحليل علمي، بل هي محاولة صادقة لاكتشاف العبقرية الشنقيطية في أبعادها المختلفة: العلمية، الروحية، والفكرية. في هذا الكتاب، نغوص في محظرات العلم الإسلامي، حيث تلتقي الحكمة بالمعرفة، ويجد الباحث نفسه أمام تحدٍ مزدوج: فهم الفكر المنهجي واستشراف البُعد الروحي العميق الذي ينبثق من تجربة الشنقيط.
الهدف ليس تقديم إجابات جاهزة، بل فتح أبواب التأمل والاستفسار، ليجد القارئ ذاته "تائهًا يبحث" بين العلم والإيمان، بين العقل والروح، بين التراث والحداثة، مستكشفًا كيف يمكن للثقافة الشنقيطية أن تُقدّم نموذجًا فريدًا لتكامل المعرفة الإنسانية مع الحكمة الروحية.
وسيجد القارئ تفاصيل ذلك عند انتهاء برنامج الدكتور السيد ولد أباه، بحول الله
لمرابط ولد لخديم