الثلاثاء
2025/09/30
آخر تحديث
الثلاثاء 30 سبتمبر 2025

مكالمة تختزل مأساة عبد الناصر والعمل العربي المشترك ودور المختار الدبلوماسي!

منذ 3 دقيقة
مكالمة تختزل مأساة عبد الناصر والعمل العربي المشترك ودور (…)
طباعة

كشفت المكالمة المسربة بين الزعيم جمال عبد الناصر والرئيس المختار ولد داداه عن لحظة استثنائية في التاريخ العربي، لحظة امتزجت فيها مرارة الهزيمة بانكسار القائد، وتجسّد فيها مأزق الأمة بين عدو متحفز وأشقاء متخاذلين لحظة كانت تثقل كاهل الزعيم العربي، وهو يقود عملاً عربياً مشتتاً وسط دول متخاذلة وضعيفة، وفي الوقت نفسه كان يتعرض لسهام النقد والتشكيك، خاصة في ما يتعلق بموقفه من مواجهة إسرائيل. فبينما كانت الدول العربية تمتلك جيوشاً جرارة ومعدات عسكرية متطورة، بقيت معظمها متفرجة على الحرب الوجود التي كان يخوضها عبد الناصر ضد إسرائيل. وبدلاً من الاندماج في تلك المواجهة، كانت بعض الصحف العربية تروج للدعاية ضده.
لم يخفي المختار ولد داده تعبه بعد عقده الأول من تسيير دولة لم تملك مقاربة محلية واضحة الدولة المركزية الأولى للبدو في بداية المكالمة .
كان عبد الناصر، قائد المشروع العربي،يشكو لرجل أضعف منه من حيث الإمكانات، وكانت مصر العظيمة تبث همومها إلى دولة ناشئة. وهنا يبرز السؤال المثير: لماذا اختار عبد الناصر أن يشكو إلى المختار ولد داداه بالذات دون غيره من القادة العرب ؟
الجواب أن المختار كان شخصية استثنائية بين الرؤساء، في طليعة العمل الدبلوماسي الأفريقي والعالمي ضد إسرائيل، بارزاً في قضايا تصفية الاستعمار وحركة عدم الانحياز. لقد صنع لموريتانيا شخصية مستقلة وبصمة دولية، وكان له دور في تقريب وجهات النظر بين عبد الناصر والصين، وبين الصين والولايات المتحدة في مسألة دخولها إلى الأمم المتحدة. كما كانت علاقاته بالجزائر متينة، في وقت كان الإعلام الجزائري يصوّب سهامه نحو عبد الناصر، حتى إن زيارة الأخير للجزائر لم توقف ذلك الهجوم الإعلامي. ولهذا كان عبد الناصر يتطلع إلى وساطة المختار لتخفيف تلك الحملات التي أثّرت في صورته وهو يعاني من مرارة الوضع العربي.
ورغم أن عبد الناصر لم يترك مجالاً كبيراً للمختار للكلام، إذ ظل مسترسلاً لا يقطع حديثه إلا ليرتشف قهوة أو شاياً كما لو كان يبلل بهما لسانه أو يستجمع بهما تركيزه، فإن المختار بطبعه آثر التأدب والإصغاء.
لقد كانت تلك المكالمة مرآةً لمعاناة عبد الناصر في قيادته للعمل العربي ومواجهته لإسرائيل والغرب ، وأظهرت حجم شقائه وهو يدافع عن أمة كان العدو أحياناً أقرب إليه من بعض إخوته. كما كشفت عن مركزية الدور الدبلوماسي للمختار ولد داداه عربياً ودولياً، إذ وجد فيه زعيم بحجم عبد الناصر ملاذاً يلجأ إليه في لحظات المرارة القصوى. رحمهم الله جميعاً.

لمتابعة فيديو المكالمة اضغط على الرابط التالي:

https://www.facebook.com/mhmdmhmwd.wld.bkar/videos/801866779212494

من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار