الخميس
2024/05/16
آخر تحديث
الخميس 16 مايو 2024

غزواني كسب معركة الحزب ضد عزيز بأقل قدر من إحترام القوانين والمساطر والإجراءات.. وقيادة الحزب جاءت عبر الإنزال

29 دجمبر 2019 الساعة 14 و17 دقيقة
غزواني كسب معركة الحزب ضد عزيز بأقل قدر من إحترام (…)
طباعة

المرة الثانية التي يغيب فيها شكل ومضمون التحول باحترام القانون والمساطر .
الأولى عندما تمت مضايقة ولد عبد العزيز خلال الإعداد لإجراء مؤتمره الصحفي، على عدم أهميته، حتى لم يبق له سوى منزله، وسيكون ذلك جائزا في حق كل من سيتفوه بما لا يرضي النظام .
والثانية عقد مؤتمر الحزب وانتخاب هيئاته بأقل قدر من احترام المساطر والإجراءات والشروط القانونية حتى لا نقول عدم احترامها مطلقا. فقد كتب أحمد محمد المصطفى: "قد يكون غزواني كسب معركة انتزاع الحزب - بهذه الطريقة - من عزيز، لكن نزل معه لدرك خرق القوانين، والدوس على قواعد الديمقراطية، فقد خرق القوانين بدءا من "الانقلاب" على لجنة رئاسة المؤتمر، مرورا بحضور أشخاص غير مؤتمرين، بل غير منتسبين أصلا، فضلا عن اختلاط غير المؤتمرين بالمؤتمرين، وتمرير النصوص والانتخاب دون معرفة المصوتين من الممتنعين، ولا الموافقين من الرافضين، ولا من يحق لهم التصويت من غيرهم، ولا "المندوبين" من "المكرهين". وليس بحوزة اللجنة أي محضر يحدد عدد من يحق لهم التصويت من الحضور، ولا عدد من صوت منهم، ولا من صوت بنعم، ومن اختار التصويت بلا. فالنصوص تمت "المصادقة" عليها (بالاستماع (واللفظ لهم، والهيئات "انتخبت" بمجرد القراءة.".. انتهى الإستشهاد.
ولأن أي أحد لم يملك أي رأي في هذه القيادة الجديدة، فإنها جاءت عبر التعيين، وهكذا يكون الطريق الوحيد لمعرفة سر انتخابها هو تخمين ما يفكر فيه غزواني وما يطبع هذا الظرف بالذات. ومن هنا يمكن الإنطلاق من مسالتين: الأولى الصراع مع ولد عبد العزيز، والثانية الترضية السياسية أو دفع بعض المكافآت. ومع ذلك، هناك طابع موحد لاختيار هذه المجموعة بعيدا من الأهداف الإنتخابية من جهة، وبعيدا من تغيير الصورة المرتبطة دائما بأن صاحب القرار من يقف وراء القيادة وليست القيادة بحد ذاتها.
لا تكاد القيادة الجديدة توحي بأي موقف بديهي ولا ملهم، ولا أي رأي عقلاني أو موضوعي حسب الدوافع السياسية أو اشتراطات المرحلة، لكنها قد تجيب على التحليلات التي يرتبط بها الناس دائما في محاولة تحليل قرارات الحكام خاصة لأجل الوصول إلى هدف عقلاني أو تبريري، دون أن يكون ذلك مهم أصلا عند الحاكم استنادا للتجربة الماضية. وهكذا يعد تعيين رئيس الحزب بمثابة العودة بالأمور إلى نصابها بالنسبة للخارطة الإنتخابية حيث ظل منصب الوزير الأول مكافأة لتدفق أصوات المنطقة الشرقية الثابتة تجاه النظام، إذ حرمت هذه المرة من المنصبين العالين (رئاسة البرلمان والوزارة الأولى)، ومع أن أصوات تلك المنطقة لا علاقة لها بأي ثمن سياسي، فقط لأن المعارضة تتسبب في عداء الدولة، الأمر الذي يتحاشونه خوفا من مضايقة السلطات المحلية، فإن أصواتهم تذهب لهذه الجهة بصفة تلقائية. وقد يكون وحده تعيين الخليل ولد الطيب يحمل رسالة موجهة لولد عبد العزيز إمعانا في إظهار الانقلاب عليه، بل والقطيعة معه، خاصة أنه أول من فجر الصراع بمسألة المرجعية وإرتقى بذلك الجدل إلى مصاف معارضة عودة ولد عبد العزيز للواجهة التي استقرت على شكلها الحالي، بينما يكون يحي ولد أحمد الوقف اختار هذه المرة تجربة المشاركة من داخل الحزب الحاكم لا من الأغلبية، كما تم خوض تجربة فاشلة في ذلك الصدد مع ولد عبد العزيز ، ويكون مقابل حل حزبه حصل على هذا الموقع، بينما يمثل تعيين البقية اللعب على خريطة التوازنات الإجتماعية والمناطقية. وعلى هذا الأساس تكون قيادة الحزب خالية تماما من روح التغيير ومن حيوية الشباب، ومن دم جديد، ومن الكاريزما الوطنية التي ستساهم في حمل خطاب من المنتظر، قبل صدور هذه التوليفة، أنه مختلف ويستجيب لتطلعات الجماهير المطحونة بسنوات عدة من التدجين وعدم العمل بالمكافأة من جنس العمل، كما يؤكد هذا الإختيار افتراض أن ولد الغزواني لا يريد التغيير بل ليس جزءً من قناعته. الأسوأ من ذلك أنه يتصرف مثل سابقيه من العسكريين بناءً على فهمه وتصوره وحده، دون أن تبرز ملامح ولا آثار الاستشارة ولا التنسيق. وبهذا يكون غزواني قد اكتشف دون أخذ أي دروس بأن اتخاذ القرار وممارسة السلطة سهلة مادام هو صاحب القرار وليس عليه أن يقدّم الحساب لأي أحد. وهكذا يكون ولد الغزواني قد تراجع بسرعة عن تقييمه لنفسه وفهمه لمستواه، عندما طلب أثناء الحملة الإنتخابية من الأطر مساعدته عندما يصل للسلطة، لأنه لا يعرف هذه المهمة، وبحاجة لمن يساعده ويعينه عليها، وتكون مخاوفه من ممارسة السلطة قد تبددت، كل ذلك في أقل من ستة أشهر. فهل نتوقع ديكتاتورا أفظع من كل ما مرّ بنا؟ ليس من جهة القتل أو السجن لكن من جهة الاعتداد بالرأي ومصادرة بقية الآراء وخاصة عدم الحديث للمدنيين بالأمور الحساسة على مألوف عادة كل من مر بنا من العسكريين وعدم التشاور مع المعاونين؟ أم أننا بالفعل لم نبرح النقطة نفسها التي نراوحها منذ الاستقلال إلى اليوم؟ وبالتالي علينا أن لا نتخيل أو نذهب بعيدا: "لَمّيْهَ ألاَّ امْنْ إظْوَيّه".