مقالات العدالة عبر الحدود
أحمد ولد الشيخ
لا يقبل أية هدنة في مطاردة ولد عبد العزيز المحمومة للمعارضين، الذين يكمن ذنبهم الوحيد في قولهم له لا ووقوفهم ضد أساليب تسييره المتعجرفة. وحتى قبل أيام قليلة من نهاية مأموريته الثانية والأخيرة، ها هو يعبئ المحامين والشرطيين، في عملية مطاردة قد لا يكون لها تأثير أكبر بكثير من سابقاتها. لقد رفضت منظمة الشرطة الدولية، الإنتربول الشهيرة، مذكرات الاعتقال التي أصدرها قبل بضع سنوات ضد معارضيه في الخارج، على أساس أنها ذات طبيعة سياسية ولا تعتمد على أي دليل رسمي. ورغم ذلك، لم يعترف ولد عبد العزيز بهزيمته، وأمر رجاله بفبركة ملف جديد يتهم ضد رجلي أعمال، معارضين مقيمين في المنفى، يتهمان، من بين أمور أخرى، “بغسيل الأموال والاحتيال الضريبي”. ولدعم مسعاه، طلب من خبراء الإنتربول جعل الملف “أجدر بالقبول” من الأول. من الواضح أن الرجل يمتاز بالحقد العنيد. ويفعل كل ما في وسعه لتوجيه الضربة القاضية إلى خصومه العنيدين، قبل فقدان قواته. وفي هذا الإطار، حسب مصدر مطلع جدا، وصل خبراء من الإنتربول خلسة قبل بضعة أيام إلى نواكشوط لدعم الملفات التي أعدتها النيابة العامة الموريتانية ضد هؤلاء المعارضين الذين يعيشون خارج البلاد. ثم عادوا من حيث أتوا بعد تقديم المشورة للدرك حول أفضل طريقة لإعداد مذكرة الاعتقال. ألم يكن من الحكمة بالنسبة للإنتربول أن يبعث فريقه من أجل التحقيق حول فضيحة غانا [Ghanagate] وحقائب كمبا با؟ وهي جريمة عبر الحدود تدفق خلالها الدولار الأمريكي بشكل طوفاني. فباسم أي مبدأ يقبل الإنتربول أن يتم توظيفه من قبل ديكتاتور مفترس، يقوم حتى آخر يوم من مأموريته، بسجن، وإخفاء وإطلاق سراح المواطنين كما يحلو له؟
ما بال منظمات البيشمركة غير الحكومية التي تسخر نفسها لتكون أدوات للشرطة السياسية: شكوى ضد المعارضين في الخارج، لمجرد إلحاق الأذى بهم، حتى لو لم يستطع الديكتاتور محاكمتهم رغم القضاء الخاضع لأوامره؟ نفس المنظمات غير الحكومية التي قدمت أسماءها لتبرير حبس المدونين ولد ودادي والشيخ ولد جدو؟ وماذا عن عشرات المواطنين الشرفاء الذين ما زالوا رهن الحرية المؤقتة، منذ عدة سنوات، فقط لإرضاء ذات القائد المستنير؟
يجب على المعارضة الديمقراطية أن تعبئ كل سلطة مختصة دولياً: الأمين العام للأمم المتحدة، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الرئيس والأمين العام للإنتربول، الخ. – للتنديد بهذه المساعدة الشرطية الدولية ضد المعارضة الموريتانية. لقد حان الوقت حقًا لطي هذه الصفحة، وإنهاء توظيف القضاء، ووقف اعتبار المعارضة جريمة. إنها موقف طبيعي وانتقادي لا غنى عنه لمناقشة الشأن العام، ويجب على المؤسسات الدولية التي تحرص بشدة على تعزيز الديمقراطية أن تنهي إهانة هذا الموقف أينما وقعت، وعلى كل حال، ألا تقبل أبدًا، تحويل قواعدها العادلة إلى خدمة مثل هذا المطاردة الجائرة.


