الأحد
2025/09/14
آخر تحديث
الأحد 14 سبتمبر 2025

سفن الأخطبوط بين التوطين والتحايل

منذ 6 ساعة
سفن الأخطبوط بين التوطين والتحايل
طباعة

دائمًا ما تتكشف الخيانة، وآخر فصولها جاء بعد الحادث الأليم في عرض البحر، حين اصطدمت سفينتان إحداهما يفترض أن تكون “وطنية” والأخرى أجنبية، وراح ضحيته خمسة مواطنين موريتانيين. وبينما كان الرأي العام يعيش هول الفاجعة، تطلع علينا صحيفة إسبانية لتؤكد أن السفينة الموريتانية المنكوبة ليست سوى سفينة برأس مال وقيادة إسبانية. الأسوأ أن هذه السفينة ليست حالة معزولة، بل واحدة من نماذج متعددة تكشف زيف الشعارات وعمق التلاعب.

في مشهد يعكس حجم التحايل في تسيير ثرواتنا البحرية، نجد سفن صيد أعماق تعمل في مصايد الأخطبوط، ترفع العلم الوطني شكلاً، لكنها في حقيقتها مملوكة ومدارة من أجانب. هذه السفن تُعفى من كل الالتزامات بحجة أنها “سفن وطنية”، بينما تُعامل في النظام الوطني كما لو كانت ملكًا خالصًا لموريتانيين.

لقد كان الهدف من تأميم مصيد الأخطبوط هو تمكين مواطنينا من خيراتهم، خاصة بعد إنهاء الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي الذي كان يدر مئات ملايين اليوروهات سنويًا مقابل الولوج إلى هذه المصيدة. لكن ما حدث فعليًا كان تحايلاً فاضحًا: خرجت السفن الأوروبية من الباب بكل ما كانت تدفعه للدولة من ضرائب ورسوم، وعادت من النافذة بلا مقابل، عبر عقود مقنّعة وصيغ قانونية مشبوهة.

المؤسف أن هذا التحايل لم يكن ليتم لولا تورط بعض ممن يُفترض أنهم “أبناء الوطن البررة”. بدل أن يكونوا حماة للثروة وحُرّاسًا للسيادة الاقتصادية، تحولوا إلى أدوات في يد مصالح ضيقة، متواطئين مع إدارة غابت عنها النزاهة، وضاعت منها الكفاءة، وتلاشى لديها أي إحساس بالمسؤولية الوطنية.

إنه وطن معطاء، لكنه يُستنزف من أجل قلة لا ترى فيه إلا غنيمة شخصية. وطن تُباع خيراته وتُفرط ثرواته بأبخس الأثمان، بينما الشعب محروم من نصيبه الشرعي في بحاره. إنها صورة موجعة لإفلاس القيم قبل إفلاس السياسات.

FGP الاتحادية العامة للصيد