قراءة في مؤتمر ولد عبد العزيز(الحلقة الاولى)

سهرنا مع مؤتمر محمد ولد عبد العزيز الذي جاء متأخرا بسبب إصراره على نقله على الفضاء مباشرة، في محاولة لتوسيع دائرة المشاهدين والمستمعين من الشعب الموريتاني ، الذي ينتظر منه تعاطفا جديدا كزعيم سياسي متشبث بمصلحة الشعب، عبر ممارسة السياسية ، أو يريد أن تصله وجهة نظره حول مسألة الصراع ، التي أشيعت في الأخير ، بينه وبين ولد الغزواني والتي ترتبت عنها مجموعة عريضة من الإجراءات .
في الجانب السياسي : محاولة عزل ولد عبد العزيز وسحب آليته الكبيرة التي تحمل طموحه للعودة لمماراسة السياسية في البلد، والتي رتبها قبل مغادرته للسلطة لكي يعود إليها مجددا في شكل زعيم ، أو مرجعية ، بوصفه المؤسس للحزب ،ولكي يظل يسيطر على القطب السياسي للنظام .ثانياً تصفية أفراد موالين له في المؤسسة الأمنية والعسكرية بسبب ردة فعله على الخطوة الأولى التي هي سحب البساط من تحته . عقد ولد عبد المؤتمر في منزله بعدما لم يحتضنه أي فندق ، حتى وهو يريد أن يصرف من جيبه . أدى ذلك به إلى أن يعرض قصره الضخم وفرشه اللامع المثير لعدسات المصورين والمدونين ،ليتحفهم بمادة جيدة عن ثرائه الفاحش .
خرج هذا المؤتمر عن سياقات مؤتمرات عزيز بملاحظتين :الأولى أنه إنتهى دون أي حماقات ولا مشادة مع الصحفيين بعد ما استمر قرابة ثلاث ساعات .الثانية سيطرة ولد عبد العزيز على موضوع مؤتمره الصحفي الذي هو الصراع السياسي حول حزب الإتحاد ،دون محاولة الخروج عن دائرة الرسائل التي يريد أن يبعث بها للرأي العام ، من لا شرعية ولا قانونية الإجراءات المتبعة في سحب البساط من تحته، وتمسكه بخيارات عديدة للمستقبل ، دون أن يشوب مسلكه أي تذلل، ولا أيّ نوع من ضعف العزيمة . وقف ولد عبد العزيز. بصمود ،رغم دفع ، وحث وإستفزاز الصحفيين له ،في وجه الحديث عن ولد الغزواني وعلاقته بما يدور ، أو وضعية علاقتهما ، فقد رفض على نحو قطعي التطرق لولد الغزواني في أي مناسبة . تحدث عزيز بإسهاب عن القانون والدستور والأخلاق وهي أمور ظلت غائبة تماما فترة حكمه رغم مزاعمه بان جهوده ظلت من أجل بناء الحريات وصيانة الديمقراطية، في محاولة لجعل كل مجهوداته ومعروفة في الخصوص .وقبل الإبتعاد قليلا عن القانون والدستور والأخلاق ،أليس هو من قاد حملة برلمانية بوصفه رئيسا للجمهورية مستخدما كل تلك القوة والسلطة بصرامة وقسوة كبيرتين في الخطاب ، نعت من خلالهما المعارضة "بالمجرمين" وقارن التصويت لهم "بالتصويت للإرهاب "، وكان ذلك في مهرجانات شعبية حاشدة وفي العلن ،أليس هو من هدد رجال الأعمال والموظفين للتصويت على لا ئحة الإتحاد وفرضَ بذلك التدخل السافر لمؤسسات الدولة ،من أجل الحصول على نوابه الذين إنقلبوا عليه اليوم ،هل تلك الحملة ديمقراطية أو قانونية أو أخلاقية أو دستورية ،ألم يحرم المعارضة من التمثيل في اللجنة المستقلة للإنتخابات ؟! ألم يكن هو الرئيس الفعلي للحزب الذي دعمه بكل قوة ، وكان ينتزع له الدعم من شعبيات الأحزاب الأخرى ! أليس هو من كان يعين المؤتمرين وأعضاء المجلس الوطني والمكتب التنفيذي للحزب حينما كان رئيسا للجمهورية ! أليس هو من قام بفرض التعديلات الدستورية من أجل محو غرفة الشيوخ لأسباب واهية، لأنها إعترضت التعديلات الدستورية التي كان باطنها فيه كسر أقفال المأمورية! هل من الإخلاق تهديد رجال أعمال المعارضة بالضرائب والمتابعات وعندما ينضموا للحزب الحاكم تتوقف تلك المتابعات والتعديدات مباشرة . أين النظام الداخلي للحزب عندما يترأس ولد عبد العزيز اجتماع الحزب الحاكم دون أن يكون عضوا في اللجنة ، وليس معني بأعمالها ، وليس له الحق في الحضور، إلا بالحجم الذي لبقية الأعضاء، وبعدها يتحدث عن القانون والقانونية والنظام الأساسي والداخلي للحزب .يتأثر ولد عبد العزيز كثيرا من مسألة المرجعية وينقلب إلى أستاذ قانون أو محلل سياسي ، وفي نفس الوقت يتناسى أن المرجعية والشرعية تضفيمها الإرادة والتوجه والطموح الشعبي العام، وهو ما عبر عنه أغلبية أهل الحزب في جميع هياكله ،وهو ما إستطاع هو نفسه الحكم به طيلة عشر سنوات ، بوصفه مرجعية سياسية لنظامه ولأغلبيته ، التي كانت تنفذ أوامره وتصطف لتقديم الطاعة والولاء له ، لقد نسي بسرعة أنه لم يكن مناضلات سياسيا ، ولا يحمل أفكارا ولا إيديولوجيا ، بل كان يجلس على نفس الكرسي الذي حصل سابقوه على نفس الدعم بسببه وسيحصل عليه اللاحقون .
قراءة العلم