الأربعاء
2025/10/15
آخر تحديث
الأربعاء 15 أكتوبر 2025

نص رد الدكتور محمد ولد محمد الحسن على بيرام ولد اعبيدي(ح 1)

26 فبراير 2020 الساعة 17 و30 دقيقة
نص رد الدكتور محمد ولد محمد الحسن على بيرام ولد اعبيدي(ح 1)
طباعة

هذه الضجة التي ثارت حول حديثكم في جنيف عن الأبرتيد لم يكن في نيتي الرد عليها للأسباب الآتية:

 السبب الأول: أنكم في الخارج وإذا ما كنت سأجيب فإني سأنتظركم حتى تعودوا إلى أرض الوطن.

 السبب الثاني: أني كنت قد بعثت إليكم مؤخرا برسالة عن طريق الصحافة نصحتكم فيها بتجنب كل ما سيشوش على جو التهدئة والانفتاح الذي آمل أن يمثل فرصة لإنجاز حصيلة، والقيام بتقويم وضعية، والتشاور على مستقبل يخرج البلاد من المأزق الذي توجد فيه، وفي تلك الرسالة مسائل بين السطور أعرف أنك ستفهمها، فلما لم تستجب لذلك لم يعد من الضروري عندي أن أعيد لك الكرة.

 السبب الثالث: أن هذا النوع من التصريحات والفقاعات أعتبره استفزازا، ولا يملك من القيمة إلا ما ستعطيه الناس التي تقوم بالجواب عليه، فالذين يقومون بهذا النوع إنما ينصبون فخا كي يتم الحديث عنهم أو عما قالوا، وأنا بطبعي لا أحب أن أقع في مثل هذا الفخ.

 السبب الرابع: أن أي شخص لم أتعارف معه بعد لا أحب أن يكون الجدال والنقاش هو أول ما يربطني به، ولا أن أقدم له نفسي ونظرتي قبل أن أقدم له نظرتي عن نظرته. أما الانتقاد والعيب فليس في قاموسي إطلاقا.. وإذا تصلب أي طرف على موقفه أثناء نقاش ما، فلن يكون هناك جديد حتى بطرأ موقف آخر.. لكن قبل ساعة وردت إلي صوتيات منكم تردون فيها على ولد محم وولد بوحبيني وجميل منصور، فشعرت أنه علي أن أتكلم إليكم مسلما عليكم وراجيا لكم الشفاء من الله تعالى.
 السبب الخامس: أنه ما يفعل الله بعده المؤمن إلا خيرا، وفترة المرء في المستشفى يمكنها أن تكون فترة تأمل ومراجعة للنفس، وتلك التأملات يمكن أن تطرأ له خلالها أفكار جديدة فيحسن من خططه وبرامجه، وهذا ما جعلني سأتوجه إليكم ببعض الأمور التي أقترح عليكم أن تمعنوا فيها التفكير.

أولا: سأقول لكم ما أعتقده عنكم أنتم كإنسان لأنكم بمثابة أخي الأصغر، ومن سبقكم بليلة غبنكم بحيلة كما يقول المثل.

ثانيا: سأتحدث لكم عن العلاقة التي بيني وبينكم، ثم عن هذه المواضيع التي تحدثتم فيها.

ثالثا: سأسرد عليكم عددا من الأمور منها ما يتعلق بالاقتصاد، ومنها ما يتعلق بالتاريخ والمجتمع أنبهكم عليها وأخبركم برأيي فيها.

وأخيرا سأقوم بتحليل نقدي لمساركم السياسي.

أولا: ما أعتقده عنكم
أعتقد أنكم إنسان ذكي، وأنكم خطيب تعرفون كيف تختارون لكل قوم ما يؤثر فيهم من الخطابات، وأنكم مناور تعرفون كيف تدخلون المناورات في السياسة، وذلك قليل في أهل السياسة خارج السلطة، كما أنكم ابراغماتي "الحاضرة عندكم بصيرة"، وأنكم تكتيكي أي أن مخططاتكم قريبة المدى، وأنكم تعرفون اللعب على العواطف، وأنكم تنتهزون الفترات التي تشعرون أنكم قادرون على توظيفها للدعاية لنفسكم، وأنكم تعرفون كيف تكونون في كامل أناقتكم وكيف تعتنون بهدامكم، وهذا كله له قيمته في مجال الشخصية. وهي كلها نقاط قوة تصب في كونكم تمتلكون جذابية وقدرة على التأثير في الناس.
وأعتقد من جهة ثانية أن عندكم مسائل أخرى يجب أن تنتبهوا لها حتى تحسنوها أو تغيروا منها:
 الأولى أعتقد أنكم طموحون طموحا زائدا على الغرض وذلك قد يجر صاحبه لما لا تحمد عقباه، وأعتقد أنكم لا تعدمون أنانية وطرح اعتبار لمصلحتكم الخاصة، وذلك قد يكون بسبب حب الظهور والرغبة في النجاح، لا من جهة حرصكم على نفع مادي فأنا الجانب المادي لكم لا اعرف عنه شيئا، وأعتقد أنكم أكثر "اتبيظين" من "اتبزكي" بل أنتم "بيظاني" جدا، وأعتقد أنكم صاحب علاقات وأنكم جريئون على جميع أنواعها لكنكم لا تعرفون الغرب، فالشعوب لا يعرفها إلا من ساكنها في أرضها، ومعرفة اللغة وحدها دون معرفة ثقافة قوم وحياتهم لا تكفي، كما أعتقد أنكم لستم استيراتيجيا ولا تفكرون على المدى البعيد، وأعتقد أن ما تمارسونه أقرب إلى الشعبوية منه إلى الاستيراتيجية والمصلحة، وذلك قد يؤثر على بعض المراهقين لكن قد يرجع على صاحبه كما وقع مثلا للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز. وأعتقد أنكم ككثير من المسؤولين وأهل السياسة مغرورين بما تفعلونه، وأعتقد أنكم غير مطلعين على الأوضاع الاقتصادية للبلد ككثير من الناس هنا، والبلد كالشجرة وأنتم ما بين يديكم منه كغصن من أغصانها لا يمكنه أن ينمو بدونها وإذا قطع منه يبس.

ثانيا: علاقاتي بكم والمواضيع التي تحدثتم عنها

أنا لم يسبق لي أن التقيت بكم إلا مرة واحدة 2007 حيث ألقيت محاضرة أقدم فيها مشروعا ابتكرته يطلق عليه "الديمقراطية الاحتوائية للدول ذات العجز في الموارد" تمت تغطيتها من طرف العربية والجزيرة وتلفزة الموريتانية قبل أن تقاطعني هذه الأخيرة، وقد حضر هذه المحاضرة عدد من الشخصيات، وأنت لم تتطرقوا إلى الموضوع بل تدخلتم ووبختم الحضور ووبختم البيضان، ولا أذكر أنكم تطرقت إلي أنا، وقد تقدمت الفكرة التي قدمت في محاضرتي هذه حتى طبقت في فرنسا واستحسنها الين جيبي الذي طلب مني أن أشاركه في حملته، وأنا من أسرة فيها شيوخ وأشياخ وعرب تخلوا عن السلاح وحراطين متحابين فيما بيننا، وكلنا يعين الآخر حسب موقعه، وهؤلاء الحراطين قدموا معنا إلى تجكجه من شنقيط وقبل ذلك من آبير وتبلبالت، ولم يسبق عليهم الرق: نغرس النخل جميعا ونأكل التمر جميعا وأكثر نخلهم من نخلنا وتجكجه التي ننحدر منها أدركتها وليس فيها سائل ولا عبد. قد يجدون شخصا في حالة أسر أو ضيق ويفكون أسره، فيصبح واحدا منهم..
وحتى لا أطيل عليكم يمكنني أن أقول لكم إن هناك أسرتين كنت قد عزمت على نقلهم من دار الفقر إلى دار الغنى إحداهما من الزنوج والأخرى من الحراطين، ولم أزل أنصحهم وأعينهم حتى استتبت أوضاعهم، وأستطيع أن أقدمهم لكم حتى تستمعوا إلى تجربتهم لأن من هو مثلكم ينبغي أن يقوم بهذا النوع من المبادرات.

ثالثا: عدد من الأمور منها ما يتعلق بالاقتصاد، ومنها ما يتعلق بالتاريخ والمجتمع أنبهكم عليه وأخبركم برأيي فيه

انتم ولله الحمد لكم عينان، وككل شخص يجب ان تفتحوا إحداهما على ما هو إيجابي والأخرى على ما هو سلبي، وإذا لم يغض شخص الطرف عما هو سلبي فيجب الا يغضه عما هو ايجابي.
واعلموا أن الحراطين قد فضلهم الله على كثير من الناس واعطاهم كثيرا لم بعطه لغيرهم. فاولا اعطاهم انهم مسلمون والثانية ان لديهم لسانا عربيا فصيحا ولغة دولية عالمية، وهذا لا تتوفر عليه كل أهل إفريقيا السوداء.
نحن بيض ومع ذلك كثير منا سود فلون الجلد لا معنى له لأن المعيار هو الحضارة والثقافة وذلك هو ما يجمعنا مع الحراطين: العيش والكسكس والحناء و"الناس بيظان والديكه ماهي خالكه"، وأهم شيء عند الناس في حضارتها لغتها فهي التي تعرف بها وتسمى بها: البولار القريبون منكم أطلق عليهم هذا الاسم لأنها هي لغتهم..
يتواصل