الجمعة
2024/03/29
آخر تحديث
الخميس 28 مارس 2024

معركة دركل: سياقها التاريخي.. نشوب المعركه.. خسائر ها.. نتائجها

23 نوفمبر 2020 الساعة 16 و26 دقيقة
معركة دركل: سياقها التاريخي.. نشوب المعركه.. خسائر (...)
طباعة

بمناسبة عيد الاستقلال المجيد نقدم لكم هاذالمقال عن معركة من معارك الجهاد الوطني.
بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله على نبيه الكريم وآله وصحبه أجمعين.

الثلاثاء /فبراير/ 1905/28.
معركة "دركل" الخالده أولى معارك تكانت على الإطلاق وفاتحتها وهي المعركه التي عصفت باحتلال "آدرار" وأخرته ردحا من الزمن حيث كان اكزافي كبولاني يخطط لاحتلاله من قصر البركه وأعطت انطباعا للسكان أن المقاومة هي الطرف الأقوى في مواجهة جيوش تفوق الألف وغيرمتاكفئة معهم في العدة والعتاد.....
دركل : سياقها التاريخي ، نشوب المعركه ، خسائر ها نتائج المعركة.

السياق التاريخي العام لمعركة دركل :
وقعت هذه المعركه بعد صمود طويل للشهيدبكار في وجه المد الفرنسي عقودا من الزمن وبعد سلسلة من المعارك الضارية المستميتة في الجنوب و التي كانت نتيجة للدورالنشط الذي قام به الشهيد بكار من جمع الاحلاف ومد يدالعون وإفساد اتفاقيات الفرنسيين مع الاعيان بهدف الإطاحة بمشروع الاحتلال في مرحلته العسكرية الفعلية في عهد المنظر له اكزافي كبولاني.
.يقول النقيب " كاستون دفور " في كتابه تاريخ العمليات العسكرية في موريتانيا ص 69 :(...جعل الزعيم المسن بكار من نفسه روح المقاومة وأخذ يبث رسله في كل مكان داعيا إلى الحرب المقدسة ضدنا فجر إلى صفه أمير البراكنه أحمدو وزعيم اشراتيت المخطار ولد أحمد ورفع بعض الزوايا قبيلة إجيجبه السلاح في وجهنا...) .
وأرسل كبولاني رسالة ترهيب وترغيب لإجيجبه بهذالخصوص يقول فيها : (... فأثناء غيابي لم تحاولوا فحسب توحيد المحاربنا ضدنا بل كنتم السند والدليل لمحاربي ادوعيش ذوي النواياالسيئة والعدوانية اتجاهنا ....). المصدر الدكتور محمدالمخطار ولدسيدمحمد تأليفه : النضال الوطني في موريتانيا 1903 - 1960.ص74.
ويقول " افريرجان" كتابه جولات ومغامرت في أرض البيضان ص 65 (... كماتلقى ولدسيدي رسالة من عثمان نجل بكاراميرإدوعيش يحثه فيها علي الانضمام إليه مع أحمد سالم وأمير البراكنه وأمير آدرار في حلف موجه ضدنا وقد سلمني ولد سيدي رسالته...) ويقول افريرجان: (...وكان أمير إدوعيش بكار بن اسويداحمد في هذه الوقت بالذات قد استدعى أميرآدرار من أجل مقاومتنا في الشرق...).ص 167. ويقول (... وهكذا يكون الأميربكار بعد أن قضى فصل الخريف يدعوا الترارزه وأهل آدرار إلى الأنضمام إليه.... قد قرر أن يكون في المقدمة...). ص 218 كتاب افريرجان. سابق الذكر.
وهكذ ا دخلت إدوعيش والمجاهدين الآخرين بقيادة الشهيد بكار في المعارك الحربية ومن أهم تلك المعارك التي وقعت تحت إشراف الاميربكار بقيادته أوبمساندته اختصارا :
ألاك 1903. ساند فيها اميرالبراكنه احمدو ولد سيد اعل ويقول افريرجان (كادادوعيش أن تهزمنا في وقعت ألاك 1903 وفي ودركل 1905).
وميت 1904.
ومال 1904.
وكومل 1904.
وآنشيش وقصاص امتدادا لكومل.
17يناير 1905.أمبود. حسب الرائد سيدي محمد حديد.
ويضيف البعض باركيول.1903 اسلمو محمدالهادي موريتانيا عبرالعصور ص 182.
وكيهيدي 1903الحسين ولد محمد امارة اهل اسويداحمد ص42.
بعد هذه المعارك بدأ الزحف الكبولاني على تكانت قصة الزحف معروفة ووصول كبولاني إلى تكانت 21فبراير1905. العدة وتعداد جيشه الذي قوامه:(1320) العدد إجمالا للتوسع في ذالك يرجع فيه إلى الرائد سيدي محمدحديد كتاب حول الشهيد بكار حياة مجاهد وقدرشهيدص87.مصدر سابق.

— عن نشوب المعركة : لما وصل كبولاني الى تكانت قبراير/ 1905/ 21/ ارسل قائده "الميسو دري" 22-23 فبراير1905 لتتبع تحركات ادوعيش بحذر.... يقول الرائد أفريرجان: ( ما وقع هو كالتالي : كان "الميسودوري " قدعسكر عندالبدر بعداستطلاع المنطقة في موضع محصن بجوار فم البطحه يطل من مسافة 50 مترا تقريبا على "تامورت النعاج" وبلغه أن مخازن حبوب إدوعيش توجد غير بعيدة ....فغادرالبدر يوم يوم 28 فبراير صحبة 40 من الكوم و38 من البولار ومعهم المترجم صمباانجاي وقافلة من الثيران محملة بالأكياس الفارغة وكان الجميع يمتطي إماالخيل أوالإبل وحتى الثيران ....توغلوا حتى وصلوا دركل ولكن (حراس المخارن) فرواعند رؤيتهم لنقل الخبر إلى الأمير بكار في معسكره عند "آمزوزف" وفي طرفة عين جمع 200 من رجال إدوعيش وانطلق نحو دركل ....للتخلص من الميسودوري الذي خبروا قدراته القتالية في السنوات الماضية.... ) كتاب أفريرجان ص 243-244.
ويقول الرائد سيدي محمدحديد: (....ولكن مجريات احداث المعركة خاصة منهاالفصل الأول في "دركل" تدل على أن قوة المجاهدين الحقيقة كانت في نجاحهم في مباغتة المفرزة الفرنسية في الوقت والمكان الغير مناسبين لها ...استمرالأشتباك ثلاثة أيام بلياليها حيث مرت هذه المعركة التي قادها من جانب المجاهدين أحمد محمود ولد بكار بثلاث مراحل رئيسية شكلت محطاتهاالكبييرة وهي : مورد " دركل " و "وادي المشرع" و"علب آدار " كانت مهمة المجاهدين القضاء على المفرزة الفرنسية المتجهة إلى دركل . العددالإجمالي لهذه المفرزة 132 وهومايعني أن المجاهدين واجهوا نصف هذهالمفزرة في المرحلة الأولى من المعركة في دركل ونصفهاالآخر في المرحلة الثانية في علب آدار ولابد أن نضيف إلى هذالعدد قافلة الإمداد الفرنسية القادمة من الجنوب والتي اشتبكت مع المجاهدين في المرحلة الإخيرة من المعركة في المشرع و"اتويزرزيرت" حيث تميز هذالفصل من المواجهة باستخدام السلاح الرشاش من طرف القافلة وهو ماكان له الأثرالسلبي في تغيير ميزان القوى لصالح الفرنسيين .) كتاب حياةمجاهد وقدر شهيد ص -102-103 .

— - خطة المعركه وجوانب من مساراتها:
(علم المجاهدون الذين كانوا بالقرب من موقع دركل أن الفرنسيين في طريقهم إلى مخازن الذرة....علم المجاهدون...أن الفرنسيين ينوون تمضية ليلتهم في محيط "مطماطه" حيث يستبعدون وجود المجاهدين في تلك المنطقة... اقتصت خطة التصدي للفرنسين تقسيم المجاهدين إلى قسمين حيث سينفذالقسم الأول المشكل من عشرين فارسا الهجوم التمهيدي في حين سيتكفل القسم الأكبر بمهمة الهجوم النهائي. اختارت مفزرة الصدام موقع إقرجان القريب من مطماطه إلى جهة الشمال استعدادا للهجوم صباحا.... في الصباح انطلق الرتل الفرنسي بدون أي فكرة للقتال في اتجاه مخازن الذرة فكان ذالك إيذانا ببدء المعركة.... أنتظرت مفزرة الصدام حتى شرع الجنود في نهب المخازن لتشن الهجوم من جهة الشمال ...اضطرالفرنسيون تحت اغراء سهل دركل من حيث كونه منطقة ملائمة للاحتراس...لكن القسم الأكبر من جيش المجاهدين قداحترس في هذه المنطقة وفقا للخطة المعتمدة ...تحسبا لهذالاحتمال ...هنا وقبل أن يأخذ الجنود مواقعهم تعرضوا لهجوم قوي ومفاجئ من المجاهدين ....فلم يكن امامهم إلا التراجع على وجه السرعة حيث الضر السيد دري الذي فوجئ اثناء العمل إلى ترك ثيرانه المحملة . كانت المفرزة التي نفذت هجوم دركل تشكل من المحاربيين الحقيقيين الذين كانوا يصيحون ويقفزون...وفي هذه الأثناء كان السيد دري المحبط قدتراجع ...مترنحابفعل طلق ناري في القائمة ...خلال موجة الإحباط هذ قام دري ببحث محموم عن مسدسه لوضع حد لحياته...كانت هذه اللحظة بحق هي لحظة الذروة في معركة دركل خلال مراحلها المختلفة. انسحب الفرنسيون جنوبا قبل ان يغيروا اتجاههم غربا صوب قاعدتهم الرئيسية في علب آدار تحت ضغط هجوم كوكبة الفرسان التي قداصطدمت بهم في المرحلة الأولى ليتم تكليفها مجددا بمهمة مطاردتهم كان الفرنسيون يتخذون من الاشجاروالنباتات الكثيرة في منطقة تامورت النعاج سواتر للأحتماء والاختفاء عن أعين المجاهدين أثناء الترجع....حدث اشتباك ثان في وادي المشرع وكان شرسا واستمرت المطاردة في نفس اليوم في اتجاه قاعدة علب آدار... كانت هذه القاعدة محصنة بمافيه الكفاية ومهيأة لمثل هذالهجوم...رغم ذالك فقدتعرض هذ الموقع لهجوم عنيف وشرس من طرف المجاهدين وكان هذالهجوم على مرحلتين الأولى مساءالأول من مارس والثانية فجر اليوم الموالي... وينقل لنامبعوث " دري" الى كبولاني هذالمشهد المحتدم على لسان افريرجان كالتالي: سمع مبعوث كبولاني خلفه ضجيج القتال وأنهم إدوعيش هاجموا علب آدار....لكن ماعجل حقا في اتخاذ قرار الانسحاب هو وصول قافلة التموين ميت التي تحمل التموين والامداد للبعثة واشتركها فورا في الأعمال القتالية من الجهة التي لم يكن المجاهدون يتوقعونها وأن هذالتدخل كان مدعوما بالسلاح الرشاش الذي خبره المجاهدون كثيرا ويدركون مدى خطورته....ويبدوأن هذا التدخل شكل إنقاذا لأفراد الوحدة الفرنسية في قاعدة علب آدارمن إبادة محققة....) المصدر كتاب سيدي محمدحديد ص 103-108. سبق ذكره.
يقول د. أحمد سالم ولد الأمير: (... الثلاثاء 28 فبراير 1905 كان الجنود عند بئر"دركل" وما كان من حراس المخازن إلاأن توجهوا على الفور نحو الحله فأخبروا الأمير وجماعته بالأمر ....كمالم يكن معهم أحد من حلفائهم بل كانوا " مصقولين "كما يقول المثل بالحسانية " ابكاك" و "اشراتيت" بمفردهم متحدون تحت قيادة الأمير بكار بن اسويداحمد وضعت إدوعيش الكمائن وتقدمت نحوالعدو في سرية تامة... ). كتاب المجال الموريتاني مقالات في التاريخ والثقافة لولد الامير ص114.
ويقول محمدالمخطار ولد سيدمحمد أن قائد هذه المعركة هو عثمان نجل الأمير بكار . كتابه النضال الوطني ص 89 سبق ذكره.
— - خسائر المعركة : حسب أفريرجا ن كتابه ص 234-244 قتل ثمانية عشر جنديا وجر ح قايد المفرز جرحا مثخنا بالإضافة إلى جرحى آخرين وغنم العديد من الثيران وأمتعة الجنود القتلى.).
ويتفق " ابيير املهات" و "جلييه" حسب سيدي محمد حديد ان القتلى في صفوف العدو 13قتيلا . كتابه ص112.
أما من جانب المجاهدين فيرى افريرجان أنهم تكبدو ازيد من ثلاثين قتيلا و نحو ستين جريحا كخسائر يقول متحدثا عن نجدته لمعسكرالبدر:(...تمكنا من الوصول إلى أعلى واستقبلتنا رائحة كريهة نتنة من جثث أكثر من ثلاثين من إدوعيش متناثرة حول الزريبه وكانت اصابات عشرين منهم في الرأس ......ونحو ستين جريحا)ص249 افريرجان.
وأورد سيدي محمد أن العدد أقل بكثير مما ذكر افرير جان أي أنهم مابين ثمانيه إلى تسعة شهداء.
وذكر الطالب اخيار بن مامينا اسماءا لشهداء معركة "دركل" في كتابه الشيخ ماءالعنين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأرور ص147.
(وقداستشهد في هذه الوقعة جماعة من إدوعيش منهم :
1- سيدي عبدالله بن سيدي الامين بن محمدشين." ادوعيش"
2-ومحمد بن المخطار بن عثمان."ادوعيش"
3- وعاشور بن اعلاده بن خيار. "ادعيش"
4 وعثمان بن حفظه بن احمد بن الديه. "ادوعيش"
5واخوه محمد بن حفظه بن أحمد بن الديه." ادوعيش"
6 وسيداحمد بن ابراهيم الطلحي." ادوعيش"
7 وعمار بن الشيخ بن ابراهيم الملقب لمخينز الطلحي. "ادوعيش"
8 وابراهيم بن عمار الطلحي. "ادوعيش"
9 وعمار بن سيد احمد بن ابراهيم الملقب أدناي الطلحي. "ادوعيش"
10 والمامي بن اعمر الطلحي. "ادوعيش").

نتائج معركة دركل:
من أهم نتائج معركة دركل.
1- عصفت بمشروع احتلال آدرار : (...حيث تم إعداد خطة لاحتلاله قبل معارك تكانت تقتضي باحتلال آدرار بواسطة مفرزتين الأولى يقودها المقيم في الترارزه الوسطى حيث سيدخل آدرار من الغرب في حين تنطلق مفرزة من البعثة في اتجاه آدرار مرورا بشنقيط ويرحج أن تمركز كبولاني في "قصرالبركة" كان يهدف لتنفيذهذه الخطة وكان مشروعا طموحا لولامستجدات أمنية استحوذت على اهتمام الأمين العام للبعث وحولت انتباهه جنوبا....لقد وردت معلومات مفاجئة تفيد بأن مفرزة دري تعرضت لهجوم مباغة من طرف الأميربكار بن اسويداحمد ). سيدي محمد حديد كتابه حول الشهيد بكار ص 98-99. 2- .
2- ضربت معنويات كبولاني وبعثته.عندماجاءهم خبرالهزيمه من مبعوث دري ومبعوث بكار "كورى بن التوتاي حيث أرسل لهم بكار بهزيمتهم ويأمرهم بالخروج من بلاد المسلمين او سيلقوا نفس مصير جيشهم.
3- رفعت معنويات المجاهدين وذالك ماتعكسه رسالة كبولاني إلى أفريرجان مؤرخة 7 مارس 1905يقول مانصه:" حسب المعلومات التي حصلت عليها فإن إدوعيش بعيدون كل البعد من الإحباط بسبب الدفاع المستميت للمجموعات التي قادها "السيد دري" و"ميشلانجلي"....".
4- أصبح الفرنسيون الأضعف في عيون السكان المحليين.
يقول افريرجان: (....مثل الجميع فإن البيضان لايميلون إلا على الطرف القوي المنتصر ونحن لم نكن كذالك..."
5- أشعرت ادوعيش بضرورة البحث عن مكان ارحب خارج تكانت يلتقطون انفاسهم لتنظيم الجهاد بعيدا عن عيون وجنودالفرنسيين الذين أصبحوا يلاحقونهم. (دارالحديث التالي بين الأمير بكار وابنه عثمان وهوالحديث الذي يلخص استرتيجية المجاهدين الجديدة في ظل أمر الواقع ....قال بكار لابنه عثمان :إلى متى أراك ستظل متجها جنوبا فمالي تحت سيطرة الفرنسيين منذ زمن وكذالك السنغال .." فرد عليه عثمان ...قائلا "أنوي العبور عبر البطن الجنوبي باتجاه العيون ثم الاتجاه شرقا على أمل الوصول شمالا الى الصحراء حيث سأتمكن من تأمين الأفراد والماشية فالمقام هنا لم يعد ممكنا لأن الزراعة لم تعد ممكنة بسبب الفرنسيين ثم أشن لاحقا الهجوم على الفرنسيين من الشمال"). سيدي محمد بن حديد كتابه حياة مجاهد وقدرشيهد سبق ذكره ص 117-118.

لتفتح معركة دركل الطريق إلى معارك" تنشيبه" 8 ماس و 9 /1905 ثم معركة "بوكادوم "واستشهاد "أكي" فاتح ابريل 1905.ليتواصل النضال الوطني بتكانت وانحاء البلاد.

إعداد : أبراهيم عالي بكار عثمان بكاراسويداحمد.
رحمهم الله تعالى .